الأحد، 2 مارس 2014

مقتطفات وقراءات من رواية سلوى النعيمي "برهان العسل"



مقتطفات وقراءات من رواية سلوى النعيمي "برهان العسل"



المفكر هو عشيقي؟ لم يخطر لي هذا أبدا. هل يمكن أن أكون عشيقة؟ لرجل لا أريد منه إلا أن يحضنني في مكان مغلق؟ ثم أذهب بعد في التأويل لأن المفكر قال لي كعادته: عندي فكرة. فيقترب من السرير، وأنبطح أنا على بطني رافعة ظهري، معتمدة على ذراعي. هو خلفي ولا أراه. تمر كفاه بإصرار، ترسمان حدودي من الكتفين إلى الفخذين لتستقرا على مؤخرتي، يشدني إليه، ألتصق به أكثر، كي أمتلئ به أكثر، أدفن وجهي في الوسادة لأخنق همهمات لذتي المتوحدة مع حركاتنا وكلماتنا. كنت أعرف أن الجماع ألذُّه أفحشه، ومع ذلك كنت أحاول أن أكتم حتى أنيني. يشدني إليه. وتلك الوضعية هي أكثر ما أحب، وأكثر ما يحب ".
"
كنت أصل إليه مبلّلة، وأول ما يفعله هو أن يمد إصبعه بين ساقيَّ، يتفقد العسل كما كان يسميه، يذوقه ويقبّلني ويوغل عميقا في فمى " (
"
كنت أذهب إليه في الصباح قبل العمل. أصعد الدرج ركضا، أدق الجرس رنة خفيفة، فيفتح الباب فورا، وكأنه كان ينتظرني وراءه، نصف نائم. أرمي ملابسي وأدخل السرير ملتهبة، ألتصق به، وأبدأ في تشممه. يرفع الغطاء، وتمر يده على تفاصيل جسمي ببطء شديد، يتذوق عسلي بجدية راضية، وأتفقد بشفتي كل موضع من جسده، عيناي مفتوحتان وجسدي أيضا. بين تسرعي المتلهف، وتمهله المتلذذ، نجد إيقاعنا. يمر الوقت ولا نفترق، لا نتوقف: تحته، فوقه، إلى جانبه، منبطحة على بطني، راكعة على ركبتي. بين كل وضعية وأخرى، كان يردد جملة يقولها دائما: عندي فكرة. كانت أفكاره لا تنتهي، وأنا أحب أفكاره وفلسفته " (
"
كان يقول لي النساء نوعان: المرأة الخسة، والمرأة الجمرة، وأنا أسأله بخبث، وهو لا يرد، بل يجذبني إلى صدره وأرتمي عليه، ويقبل عيني وشفتي، وأنا أمص ريقه، ويحسس على بطني، وأفتح ساقي، ويدخلني عميقا ليحترق معي، أود أن أسأله: والرجال كم نوعا؟ وتنسيني متعتي ولذتي كل الأسئلة " 
" ما كنت أمشي معه في الشارع العام، وما كان يمشي إلى جانبي، من دون أن يضع يده على مؤخرتي، يتحسسها من فوق الثياب أو على اللحم مباشرة. أصرخ مبتعدة عنه: مجنون، نحن في الشارع العام. قد يرانا الناس! كنت جبانة، وحريتي الجنسية العملية لا تعبر عن نفسها إلا بعيدا عن عيون الآخرين. كان يقول: تلفتين نظر الناس عندما تبتعدين عني. إنهم لا يَرَوْن شيئا. لا أحد ينظر إلينا لو تابعتِ السير بهدوء. يرد عليَّ وعلى استهجاني، وهو يعيد يده إليَّ، إلى مؤخرتي، وأنا أشهق رغما عني، والتصق به، وأنسى العيون الغريبة. صار يبحث عن باب أول عمارة نمر قربها كي يجذبني إلى داخلها، ويقبل شفتي، ويمص لساني، ويتحسس صدري. بداية كنت مضطربة، وبمرور الوقت تعودت، وصرت أمشي إلى جانبه، وعيناي تبحثان معه عن أي مكان يمكنني فيه أن أقبّله وأمص لسانه وأتحسس جسده"
"
خلع كل شئ وبقى عارياً كما طلع من بطن أمه ، الفرق أنه طلع من هناك صغيراً ، وهو الآن رجل مكتمل الرجولة . تصورى .
أمسك بعضوه وقال لى : انظرى ، صاحبتى مجنونة ، من غيرتها تضع علامة عليه بالقلم هنا وتعاينها عندما أعود ، كى تتأكد أنها ما زالت فى مكانها"   
"
عندنا يُسمونها شرموطة . بلعت الكلمة . اكتفيتُ : فلتانة . سايبة . نفس الشئ تقريبا "
"
بعدها فهمت وتعلمت أنا أيضاً ألا أركض متسرعة وراء الرجفة الأخيرة ترمينى لاهثة مضرجة بالعسل والمنى ، أحتضن لذتى النابضة قلباً بين ساقى " (
"
أتذكر كلماته عن جسدى . عن ثديىّ ، عن فرجى ، عن مؤخرتى ، عن جلدى ، عن رائحتى ، عن لونى . "
" كتب لى البعيد فى رسالة بالإنترنت ، بالإنكليزية ، نكتة بلهاء عنوانها : المرأة والسرير .
يقول البعيد :
فى الثامنة : تقودها إلى السرير لتحكى لها حكاية
فى الثامنة عشرة : تحكى لها حكاية لتقودها إلى السرير .
فى الثامنة والعشرين : لا تحتاج لأن تحكى لها حكاية كى تقودها إلى السرير .
فى الثامنة والثلاثين : هى التى تحكى لك الحكاية لتقودك إلى السرير .
فى الثامنة والأربعين : تحكى لك الحكاية كى تتجنب الذهاب إلى السرير .
فى الثامنة والخمسين : تبقى أنت فى السرير لتتجنب حكايتها .
فى الثامنة والستين : إذا قدتها إلى السرير فهذه هى الحكاية .
فى الثامنة والسبعين : أى سرير وأية حكاية ؟! أى نوع من الرجال أنت بحق الشيطان ؟!." (
"
الشيخ المغربى الذى يعلم الطالبات نواقض الوضوء ، يعددها واحداً واحداً إلى أن يصل إلى مس الذكر ، وستسأله واحدة من الصبايا ، يا شيخى ، بالسين أو بالصاد ؟ " "الفياغرا أنقذت الناس وبيضت وجوهنا بعد سواد ، بيض الله وجه مكتشفيها ومخابرها . يجب اقتراح أسمائهم لجائزة نوبل . أدوا خدمة للإنسانية جمعاء ، نساء ورجالا " " لماذا لا تنيكون زوجاتكم " (
"
أمس قال لى الجوّاب : أنا أنيك إذن أنا موجود " (
"
كان الجوّاب يستعمل الفعل دائماً فى صيغة انتاك " (
"
تعرفين ماذا يعجبنى فيه ؟ ما إن ألمس عضوه حتى يقف . مستعد فى كل وقت .. فى بلده لم يكن يعرف إلا الاستمناء . كان طالبا فى الجامعة . حتى الشراميط كانت غالية عليه " (
"
وأرد أن عليه أن يجد الجواب بنفسه ، أن عليه أن يمد يده بين ساقىّ ليتذوقه . برهان حلاوة العسل . هو العسل نفسه ، يقول ابن عربى 



"كنت أصل إليه مبللة وأول ما يفعله هو أن يمد إصبعه بين ساقي يتفقد "العسل" كما كان يسميه! يذوقه ويقبلني ويوغل عميقاً في فمي وأقول له: من الواضح أنك تطبق تعاليم الدين وتوصيات كتب شيوخي القدماء: (أعلم أن القبلة أول دواعي الشهوة والنشاط وسبب الإنعاظ والانتشار!ومنه تقوم الذكور وتهيج النساء، ولا سيما إذا خلط الرجل بين قبلتين بعضة خفيفة وقرصة ضعيفة)".

 لم أحك لأحد في البداية عن هذا الولع المعرفي. كانت هذه الكتب سري الذي لا أشارك فيه أحدا. و قلت له : نعم. جاء المكر وانفتح القمقم. في السرير حكيت له عن قراءاتي السرية. تداخل السران وامتزجا نهرا واحدا.
في تلك الأيام كنت أكتفي بالتلذذ بهذه الكتب واستعادتها معه. في البداية كنت أبحث عن اسم كل وضع جنسي وأنقله  له. صارت الأسماء المضحكة في أغلب الأحيان شيفرة سرية نتناقلها بيننا ببراءة ظاهرية، نطعم بها حديثا في حضور الآخرين. ونتفنن في تمريرها في كل سياق. لم يكن ذلك سهلا: كيف يمكنك أن تلفظ كلمات مثل المقمّع والكباشي والكوري واللوي وخياطة الحب في جملة مفيدة؟ كان جهل الآخرين عونا على اللعب نستغله من دون حرج.
كنت واثقة من أنه لا أحد يستطيع أن يتوقف عند هذه الكلمات.إلا إذا كان خبيرا بكتب الباه، يقرأها ويعيد، مثلي أنا. هذا نادر، حتى في أوساط المثقفين العارفين بأمور التراث، تأكدت منه بالتجربة العملية وكانت طريفة في كل مرة. مع" المفكر" أدركت قيمة ما أقرأ ووعيت أهميته. صرت أتنقل بين أحمد التيفاشي وعلي بنصر والسموأل بن يحيى ونصر الدين الطوسي ومحمد النفزاوي وأحمد بن سليمان وعلي الكاتبي القزويني والسيوطي والتيجاني، وكأنني بين أصدقاء. أقرأهم وأستعيدهم، أتمزمز بنصوصهم وأترجم حياتي إلى كلماتهم . أحتفظ بها كلمة سرية لا أجرؤ على البوح بها إلا للمفكر.
لماذا كان هذا الترقي بين المفكر وكتبي السرية؟
يخطر لي أنني انتقلت معه إلى مرحلة وعي جنسي ما كان يمكن أن تنفصل عن قراءاتي. تداخلت التجربة العملية بقاعدة نظرية، وما كان يمكن لهذا التقاطع إلا أن يقدح شررا. كنت أتسلى بحالة ما أعيش معه إلى مقاطع من هذه الكتب. أنقله له أولا بأول وينظر إلي بدهشة: هذا كنز معتم عليه لا يعرفه إلا القليلون. يجب الكتابة عنه والتعريف به.
كان المفكر سري وكانت الكتب جزءا من هذ السر.
كانت الحرية التي يكتب بها القدماء تمد لي لسانها مع صفوف الكلمات، التي لا أجرؤ على استعمالها، لا شفويا ولا تحريريا. لغة مهيّجة. لا يمكنني أن أقرأ مقطعا من دون أن أتبلل. لا يمكن للغة أجنبية أن تثيرني هكذا. العربية هي لغة الجنس عندي. لا يمكن للغة أخرى أن تحل محلها وقت الحمى، حتى مع غير الناطقين بها، من دون الحجة إلى ترجمة طبعا.
كانت الكلمات الممنوعة تحيي تاريخا من الكبت الجنسي وتحيي معه مقاومة هذا الكبت. الطريف أنني لم أكن أستعمل هذه المفردات، حتى بيني وبين نفسي. مفردات القراءة فقط. لا للكلام ولا للكتابة. حتى الآن يصعب علي أن أستعمل  في لغتي كلمة من " الكلمات الكبيرة ". أتحاشاها. يمكنني أن أنقلها، وأن أستشهد بها، وبراءة الأطفال في عينيّ، مهما كانت ساخنة. أما أن أستعملها للحديث عني وعن تجاربي فتلك حكاية أخرى.
هذه النصوص جزء من ثقافتي. هذه النصوص جزء من مخيلتي.
هذه النصوص جزء من حياتي الجنسية. قبل المفكر، ومعه، ومن بعده. في هذه النقطة الحساسة من تشابك التجارب من المستحيل أن تفك أي ارتباط. التداخل هنا عضوي. نعم عضوي. هل يمكن لي أن أستبدلها بأية كلمة أخرى؟
عرفت باكرا ما أريد وقررت أن ألعب لعبتي الخاصة. أدرجت هذا جزءا من حياتي السرية التي لا يعرفها أحد غيري. لست ملزمة بتقديم تقارير عنها لأي إنسان. لا أريد من الآخرين موافقة لا صفحا، ولا مشاركة. حياتي لي وحدي. وأسراري لي وحدي.
في البداية ما كنت أريد لهذا الارتباط أن ينفك. لم أكن أريد أن أزيح الستار عنه. أن أعلنه. لم أجرؤ يوما حتى على الحديث عنه.
كنت أعده فضيحة.
كنت أتساءل إن كانت الفضيحة في الفعل، أم في إعلان الفعل؟.
كنت أدهش حتى لسؤالي وأقول لنفسي: إن معلميّ القدماء كانوا أكبر من السؤال.
فضيحة قلت؟
ما الفضيحة؟
هل كوني امرأة هو الذي ينفخ قراءاتي السرية؟
أليس اعتباري لها سرا جزءا من تلك التربية المخصية التي ربيت عليها. لماذا يمكنني أن أتباهى بقراءة الأدب البورنوغرافي الغربي والشرقي وأخفي قراءتي للتيفاشي؟ لماذا أعلن عن ولعي بجورج باتاي وهنري ميللر والماركيز دو ساد وكازانوفا والكاما سوترا، وأتناسى السيوطي والنفزاوي؟ هذه حكايات قديمة على كل حال، وقراءاتي الخبيئة صارت موضة الآن، الجميع يتحدثون بها وأولهم أنا. سري القديم انفضح واتضح.  
انفضح و اتضح وصار مثل غمزة بياع الزعتر، يراها الجميع .





 تذكر، كم توهجت العيون التي رأتك، تذكر، أيها الجسد، الرعشة أيضاً في الأصوات. كافافي.
الجماع أفحشه ألذه.
من ترك الجماع مدة طويلة ضعفت أعضاء قوته وانسدت مجاريها وضمر ذكره، وقد رأيت جماعة تركوه لنوع من التقشف فبردت أبدانهم وعسرت حركاتهم ووقعت عليهم الكآبة بلا سبب، وعرفت لهم أمراض الماليخوليا وقلت شهوتهم وهضمهم. محمد بن زكريا.
قال ابن الأزرق: كل شهوة يعطيها الرجل نفسه فإنها تقسي قلبه إلا الجماع. ومن هنا جاء حرصي على رقة قلبي.
كانت الحرية التي يكتب بها القدماء تمد لي لسانها مع صفوف الكلمات التي لا أجرؤ على استعمالها لا شفوياً ولا تحريرياً، لغة مهيجة لا يمكنني أن أقرأ مقطعاً من دون أن أتبلل، لا يمكن للغة أجنبية أن تثيرني هكذا. العربية هي لغة الجنس عندي لا يمكن للغة أخرى أن تحل محلها وقت الحمى.
زواج المتعة للشيعة فقط .!؟ هذا لا يعني شيئاً لي. أنا لا أعرف الطائفية ولا الانقسامات الدينية.
كنت أصل إليه مبللة تماماً. يكفي أن أفكر فيه كي يفور دمي.
كان المفكر يقول لي: أنت دائماً مهتاجة، ولم أرك إلا محمومة، كنت أبتسم ولا يخطر لي أن أشرح له أنه سبب ارتفاع الحرارة في صدري، أرتمي عليه وتتأكد تحليلاته.
لم أعرف قبلك امرأة يعلن وجهها انتصابها.
كنت أصل إليه مبللة تماماً وأول ما يفعله هو أن يمد إصبعه بين ساقي يتفقد "العسل" كما كان يسميه، يذوقه ويقبلني ويوغل عميقاً في فمي وأقول له: من الواضح أنك تطبق وصايا الرسول وتقتدي به: لا يقع أحد منكم على أهله كما تقع البهيمة، وليكن بينكما رسول: القبلة والحديث. وهن عائشة: إن رسول الله كان إذا قبل الواحدة منا مص لسانها.
كانت أفكاره في الفراش لا تنتهي وأنا أحب الفلسفة، سميته:المفكر.
لم أكن مثل حواء التي سألت آدم عندما نام معها للمرة الأولى: ما هذا؟ قال يسمونه النيك. قالت أكثر لي منه فإنه طيب.
كان يقول: النساء نوعان: المرأة الخسة والمرأة الجمرة.
فائدة الجماع الأول شهوة والثاني لذة والثالث شفاء.
أعود إلى العالم مضيئة بطعمه في فمي ثقيلاً أبيض حلواً يتضوع منه رائحة الكافور الواخزة كما في الكتب.
ما يرتسم أمامي هو الأخدود وسط الظهر ينتهي على حدود الغمازتين العميقتين وخطوط المؤخرة تستدير بعد الخصر وما تحت القبة إلا طريق الحرير.
الحب للروح والشهوة للجسد. أنا لا روح لي.
يقول: بعد الحب تسود عيناك ويضيء جلدك وكأن نوراً تحت مسامك، أجيب: كل النساء كذلك بعد الحب.
ما كان يمكنني أن أرى جسدي إلا وأسترجع تعبيره لحظة اقترابنا الأولى وهو يسبح بحمد الله. ضحكت: الذي لا يحمد على مكروه سواه؟ يضمني إليه عارية حارة يقبلني وأنسى أن أضحك.
بحمد الله الذي جعل اللذة الكبرى للرجال في فروج النساء، وجعلها للنساء في أيور الرجال، فلا يرتاح الفرج ولا يهدأ ولا يقر له قرار إلا إذا دخله الأير، والأير إلا بالفرج..؟..محمد النفزاوي.
كان الخليفة المتوكل يحب كثرة الجماع، وضعف عن الحركة، فجعل له حوض وملئ من الزئبق، وبسطت عليه الفرش فكان يجامع عليه وكان الزئبق يحركه من دون أن يتحرك هو.
احتاج إلى الجماع كما أحتاج إلى القوت ...الجنيد.
الإنسان حيوان مسوَغ.
وقع بين رجل وامرأته شر فتهاجرا أياماً ثم وثب عليها فأخذ برجليها فلما فرغ قالت: أخزاك الله كلما وقع بيني وبينك شر جئتني بشفيع لا أستطيع رده
. وفي رواية حكاية أخرى أن امرأة قالت لزوجها مترحمةً على أيام قاضيه العادل ولياليه: لقد مات الذي كان يصلح بيننا ...
 الأمالي أبو علي القالي.
الإسلام والجنس لا يجتمعان حقيقة أزلية مثل دوران الأرض.
العلامات الخارجية للرغبة أن تراها تحدث معها تديم النظر إليه وأن يعتريها تثاؤب وأن تعبث بطرف ثوبها أو إزارها كأنها تقلبه، أو تنكث بإصبعها الأرض.
قيل لمزيد: امرأتك تساحق. قال: نعم أنا أمرتها بذلك، لأنه أنعم لشفرها وأنقى لفم فرجها وأجدر إذا ورد عليها الأير أن تعرف فضله.
النيك أشفى والسحق أخفى.
هل كان الشعر أحد مفاتيح جسدي؟
أحب فيك شيئين حريتك وعروبتك.
الفراش عندي للنوم والمرض، للولادة والموت، السرير للذة، السرير من السر، الرغبة هي السر، اللذة هي السر، الجنس هو السر، الجنس هو سر الأسرار، لذا يبقى في رأسي مرتبطاً بالسرير حتى لو فعلتها في المصعد.
الأجوبة مثل الحكايات تأتي وحدها في وقتها كما تسقط الفاكهة الناضجة من الشجرة.
هل تعرفون لماذا صارت الفياغرا تصنف في خانة مساحيق التجميل لا في خانة الأدوية؟.. لأنها تبيض الوجه.
وبعض من يظهر النسك والتقشف، إذا ذكر الحر والأير والنيك تقزز وأنقبض. وأكثر من تجده كذلك فإنما هو رجل ليس معه من المعرفة والكرم والنبل والوقار إلا بقدر هذا التصنع.. وإنما وضعت هذه الألفاظ ليستعملها أهل اللغة ولو كان الرأي ألا يلفظ بها ما كان لأول كونها معنى، ولكن في التحريم والصون للغة العرب أن ترفع هذه الأسماء والألفاظ منها ... الجاحظ.
وصية عجوز لابنتها ... إني أوصيك يا بنية وصية، إن أنت سمعتها سعدت وطاب عيشك وعشقك بعلك، إن مد يده فانخري وازفري وتكسري وأظهري له استرخاء وفتوراً، فإن قبض على نهديك ارفعي صوتك بالنخير. وإن أولجه فيك أبكي وأظهري اللفظ الفاحش فهو مهيج للباه ويدعو إلا قوة الإنعاظ، فإذا رأيته قد قرب الإنزال أنخري له وقولي له: صبه في القبة وغيبه في الركبة، فإذا هو صبه طأطئي له قليلاً وضميه واصبري عليه وقبليه وقولي له: يا مولاي ما أطيب نيكك..
القبلة أول دواعي الشهوة والنشاط وسبب الإنعاظ والانتشار ومنه تقوم الأيور وتهيج الإناث، ولا سيما إذا خلط الرجل بين قبلتين بعضة خفيفة وقرصة ضعيفة.
إن كل امرأة هي محصلة الرجال الذين مروا في حياتها.
اقترنت عندي لذة التعلم بلذة الجنس. تداخل مركز اللذة مع مركز المعرفة في رأسي وتشابكا معاً من دون انفصال.
                                                               برهان حلاوة العسل هو العسل نفسه ... ابن عربي



     
قراءة، في كتاب، الكاتبة سلوى ألنعيمي:(برهان العسل)
الكاتب والباحث احمد محمود القاسم
سلوى ألنعيمي كاتبة وصحفية سورية، تقيم في باريس، وكانت تعمل أمينة عامة في إحدى مكتباتها، كتابها الوحيد والذي جاء كقصة، هو كتاب (برهان العسل)، مع أن لها عدة كتب أخرى، بالأشعار، أما كتابها المذكور، والذي جاء على هيئة قصة، تسرد فيه سيرتها الذاتية، فهو كتابها الوحيد، والذي أثار ضجة إعلامية كبيرة، في الأوساط العربية، لجرأة ما جاء به من التعابير والأوصاف الجنسية المثيرة والمباشرة، تصريحا لا تلميحا، وجرأتها وصراحتها في التعبير عن رغباتها الجنسية ومكنونات نفسها، مما اضطر الرقابة العربية من منع نشر كتابها وبيعه في أسواقها، مما زاد من طلب الجمهور العربي له، على قاعدة كل شيء ممنوع مرغوب، وزاد أيضا من شهرة الكاتبة سلوى ألنعيمي إعلاميا على الصعيد العربي.
في عصرنا الراهن، وفي ظل العولمة، وفي ظل التكنولوجيا الحديثة، والتقدم الهائل لوسائل الاتصالات، والتدفق الكمي والنوعي للمعلومات، بالصوت والصورة، دون رقيب أو حسيب، عبر الشبكة العنكبوتية ومحطات الفضائيات وعبر وسائل الإعلام الأخرى، باعتقادي العميق والكبير، لم تعد للكلمة أهمية كبيرة في الإثارة، مقارنة بالصوت والصورة، لأن الصوت والصورة، سبقتا الكلمة بسرعة، وبأكثر كثافة وتأثيرا، ولا اعتقد بان الكلمة، ومدى دقتها ووصفها العميق للحركة والصورة، وللمواضع الخفية، قادرة أن تتكلم أكثر مما تتكلمه الصورة عن نفسها، وكذلك فيما يتعلق بالصوت أيضا، وبالتالي، تبقى الكلمة، اقل تأثيرا، مهما كان وصفها دقيقا وعميقا، فالكلمة، اقل تأثيرا من الصوت والصورة، فإذا كان هذا هو الواقع المرئي والمسموع، فلماذا إذن الاستهجان من الكلمة، مهما كانت شدة إباحيتها.
باعتقادي منذ سنين الأربعينات وحتى سنيي السبعينيات أيضا، كان من المستبعد أن ترى امرأة بملابس مثيرة او ترى جزءا من جسمها عاريا في مواقع عامة، حيث كان منظر كهذا، يثير دهشة وضجة كبرى، وقل أن تشاهد امرأة في شارع او موقف عام، وتظهر الكثير من مفاتنها للعامة، في تلك الفترة الزمنية بالذات، كان هناك أهمية تذكر للكلمة، حتى تكمل ما خفي من مواقع المرأة المكشوفة، فكانت الكلمات الجنسية وما تخللها من وصف للأعضاء او المواقع الجنسية المثيرة من جسم المرأة وللعملية الجنسية بشكل عام، أهمية كبيرة في تأجيج المشاعر الجنسية لدى الجنسين.
في عصرنا الحالي لم تعد للكلمة، مهما كانت تعبر عن حالات جنسية حميمة و مثيرة، تأثيرها الكبير في المجتمع الإنساني، أكثر من تأثير الصوت والصورة، لذا استغرب حقيقة، واستهجن، الرقابة العربية واستغراب البعض واستهجانهم لبعض الكاتبات العربيات، وما يكتبونه في بعض رواياتهم وقصصهم من صور جنسية مثيرة، وكأنها الكارثة والطامة الكبرى، وتناسوا ما يعرض بالصوت والصورة، عبر الشبكة العنكبوتية وعبر الفضائيات، لكل العمليات الجنسية، بشتى صورها وأشكالها و وأضاعها، بحيث لم يعد خافيا على أحد، صغر أو كبر، معرفة ما يحدث بين العشاق وبين الأزواج خلف الأبواب المغلقة، فلما كل هذه الضجة، على الكاتبات العربيات وكتاباتهم الموحية بالجنس، والعمليات الجنسية، أمثال سلوى ألنعيمي وفضيلة الفاروق وأحلام مستغانمي وعالية شعيب وليلى العثمان والهام منصور وعلوية صبح وعفاف البطاينة وليلى الأطرش و حزامة حبايب، فهل حقا هم تفوقوا في وصفهم للعمليات الجنسية في رواياتهم وقصصهم، وما يطرحونه من المواقف المثيرة للمشاعر، أكثر مما يعرض بالصوت والصورة عبر الشبكة العنكبوتية وعبر الفضائيات عربيا وعالميا ؟؟ لا اعتقد ذلك، لذلك، يصبح الاستهجان والرفض والامتعاض، لما نقرأ عبر كتب وروايات بعض الكاتبات والكتاب هو المستهجن والمرفوض .
ما استجد على القاريء والمواطن العربي في هذا المجال، هو جرأة الكاتبات العربيات عن الكتاب العرب، على وصف العمليات الجنسية وذكر الأعضاء الجنسية أيضا، بمسمياتها مباشرة دون تلميح ولف ودوران، كما كان يحدث في السابق، بشكل غير مباشر، بل ذكرها تصريحا وبشكل مباشر وليس تلميحا، ووصفها بدقة متناهية أيضا، والأكثر من ذلك، التعبير عما يدور في خلجات نفس الكاتبة من المشاعر الفياضة والحميمة، والشهوات الجنسية، والإعجاب والامتنان لما حدث ويحدث، سواء لها أو لبنات جنسها من قبل الرجل، وتفاعلها معه بشكل عميق، سواء كان الزوج أو العشيق، بطريقة شرعية أو غير شرعية، عبر العلاقات المفتوحة، وعن مدى رغبتهن في ذلك، ومتعتهن غير المحدودة أيضا، وشعورهن باللذة غير المتناهية من جراء هذه الممارسات، والإشادة بها والرغبة في تكرارها.
هناك جيل جديد وجريء جدا، من الكاتبات والأديبات العربيات، ظهرن على الساحة العربية، من الخليج الى المحيط واشتهرن بجرأتهن الكبيرة، في التعبير عما يجول في خواطرهن من المشاعر الجياشة والحميمة دون خوف أو وجل، أمثال ليلى العثمان وعفاف شعيب وحزامة حبايب وسلوى ألنعيمي وفضيلة الفاروق وأحلام مستغانمي والهام منصور وعلوية صبح وعالية ممدوح وعفاف البطاينة وليلى الأطرش ورجاء الصانع، وغيرهن كثيرات، وقد سبق هؤلاء الكاتبات والأديبات الجريئات، عدد من الكاتبات والأديبات الجريئات في سنين الستينات وبعدها أمثال د. نوال السعداوي وفاطمة المرنيسي وغادة السمان وليلى بعلبكي وكوليت خوري وغيرهن كثيرات أيضا، ليس المجال لتعدادهن هنا. وقد لاقى الجيل الأول، جيل د.نوال السعداوي وفاطمة المرنيسي الكثير من النقد والتجريح والتشهير، ووصفن بأقبح الأوصاف وأقذرها، لجرأتهن وصراحتهن في التعبير والكتابة، عما يجول في خواطرهن من الأمور الجنسية والحميمة، وفضحهن لمواقف بعض الرجال من المرأة وممارستهم الخاطئة نحوها، وقد صمدن تلك الكاتبات والأديبات صمودا رائعا وعظيما، ولم يتراجعن عن مواقفهن وكتاباتهن، على الرغم مما لاقينهن من الحصار والمنع والتجريح والتشهير، أما جيل الكاتبات الحالي، فمعظمهن ظهرن في ظل العولمة، وانتشار الشبكة الالكترونية العنكبوتية، واشتهرت كتاباتهن بسرعة، وانتشرت أسماؤهن بسرعة أيضا، كانتشار النار في الهشيم، ولم تلق كتاباتهن رفضا وتشهيرا وتجريحا، كما لاقته الكاتبات السابقات، ولم يتعرضن كثيرا للتشهير والتعنيف والتهديد، كما لاقته الكاتبات الأوائل.
أما الكاتبتان الأكثر جرأة وتصريحا في الكتابة والتعبير عن الشهوات والمغامرات والصور الجنسية في وقتنا الحاضر، فكانتا الكاتبة الجزائرية (فضيلة الفاروق) في كتابها (اكتشاف الشهوة)، والكاتبة السورية (سلوى ألنعيمي)، في كتابها (برهان العسل). والكتاب الأخير، كما قالت الكاتبة نفسها، كان عبارة عن دراسة عن الجنس في العالم العربي وفي التراث، و كان معدا لعرضه في مؤتمر يتعلق في هذا المجال، كان سيعقد في واشنطن، عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية.
لنقرأ بعض المقاطع للكاتبة السورية سلوى ألنعيمي من كتابها (برهان العسل):
كنت أذهب إليه في الصباح قبل العمل، اصعد الدرج ركضا، أدق الجرس رنة خفيفة، فيفتح الباب فورا، وكأنه كان ينتظرني وراءه، نصف نائم، ارمي ملابسي وأدخل السرير ملتهبة، التصق به، وأبدأ في تشممه، يرفع الغطاء، وتمر يده على تفاصيل جسمي ببطء شديد، يتذوق عسلي بجدية راضية، وأتفقد بشفتي، كل موضع من جسده، عيناي مفتوحتان وجسدي أيضا، بين تسرعي المتلهف، وتمهله المتلذذ، نجد إيقاعنا، يمر الوقت ولا نفترق، لا نتوقف، تحته، فوقه، الى جانبه، منبطحة على بطني، راكعة على ركبتي، بين كل وضعية وأخرى، كان يردد جملة يقولها دائما: عندي فكرة، كانت أفكاره لا تنتهي، وأنا أحب أفكاره وفلسفتة.
وفي موقع آخر من القصة تقول سلوى ألنعيمي:
كان يقول لي النساء نوعان:المرأة الخسة، والمرأة الجمرة، وأنا أسأله بخبث، وهو لا يرد، بل يجذبني الى صدره وأرتمي عليه، ويقبل عيني وشفتي، وأنا أمص ريقه، ويحسس على بطني، وأفتح ساقي، ويدخلني عميقا ليحترق معي، أود أن أساله؟؟ والرجال كم نوعا؟؟ وتنسيني متعتي ولذتي كل الأسئلة.
وتقول سلوى ألنعيمي في موقع آخر من القصة أيضا:
ما كنت أمشي معه في الشارع العام، وما كان يمشي الى جانبي، من دون أن يضع يده على مؤخرتي، يتحسسها من فوق الثياب، أو على اللحم مباشرة، أصرخ مبتعدة عنه: مجنون، نحن في الشارع العام، قد يرانا الناس!! كنت جبانة، وحريتي الجنسية العملية، لا تعبر عن نفسها إلا بعيدا عن عيون الآخرين.
كان يقول: تلفتين نظر الناس، عندما تبتعدين عني، إنهم لا يرون شيئا. لا أحد ينظر إلينا، لو تابعت السير بهدوء، يرد علي وعلى استهجاني، وهو يعيد يده إلي، الى مؤخرتي، وأنا أشهق رغما عني، والتصق به، وأنسى العيون الغريبة، صار يبحث عن باب أول عمارة نمر قربها، كي يجذبني الى داخلها، ويقبل شفتي، ويمص لساني ويتحسس صدري.
بداية كنت مضطربة، وبمرور الوقت، تعودت، وصرت أمشي الى جانبه، وعيناي تبحثان معه عن أي مكان يمكنني فيه، أن اقبله وأمص لسانه، وأتحسس جسده.
وتتابع سلوى ألنعيمي وتقول بعض النكات عن المرأة في كتابها:
في الثامنة من عمرها، أي في سن الطفولة، تقودها الى السرير، كي تحكي لها حكاية.
في الثامنة عشرة من عمرها، أي في سن البلوغ، تحكي لها حكاية، لتقودها الى السرير.
في الثامنة والعشرين من عمرها، لا تحتاج لأن تحكي لها حكاية، كي تقودها الى السرير.
في الثامنة والثلاثين من عمرها، أي في أوج شبقها، هي التي تحكي لك حكاية، لتقودك الى السرير.
في الثامنة والأربعين من عمرها، تحكي لك حكاية، كي تتجنب الذهاب الى السرير.
في الثامنة والخمسين من عمرها، تبقى أنت في السرير، لتتجنب أن تحكي لك حكاية.
في الثامنة والستين من عمرها، إذا قدتها الى السرير، فهذه هي الحكاية.
في الثامنة والسبعين من عمرها، أي سرير وأي مكان بحق الشيطان، وأي نوع من الرجال أنت!!!!!!!!
وفي موقع آخر تصف لقاءها مع (المفكر) والذي هو بمثابة عشيقها، مع أنها أوجدته في خيالها فقط، فتقول: (المفكر هو عشيقي، لم يخطر لي هذا أبدا، هل يمكن أن أكون عشيقة؟؟ لرجل لا أريد منه إلا أن يحضنني في مكان مغلق!!!! ثم أذهب بعد في التأويل، لأن المفكر قال لي كعادته: عندي فكرة، فيقترب من السرير، وانبطح أنا على بطني، رافعة ظهري، معتمدة على ذراعي، هو خلفي ولا أراه، تمر كفاه بإصرار، ترسمان حدودي من الكتفين الى الفخذين، لتستقرا على مؤخرتي، يشدني إليه، التصق به أكثر، كي امتلأ به أكثر، ادفن وجهي في الوسادة، لأخنق همهمات لذتي، المتوحدة مع حركاتنا وكلماتنا. كنت أعرف أن الجماع، ألذه أفحشه، ومع ذلك، كنت أحاول أن أكتم حتى أنيني، يشدني إليه، وتلك الوضعية هي أكثر ما أحب، وأكثر ما يحب هو أيضا.
هذا بعض مما تمكنت من اقتطافه من كتاب سلوى ألنعيمي:(برهان العسل)، وان كانت الكاتبة تتحدث بكتابها عن كثير من الأمور والقضايا الجنسية في التراث العربي والإسلامي باستفاضة أكثر، وجرأة أوسع وأعمق، وبتعابير لم نتعود لها في كتابات سابقة، وهي نفسها المتداولة بين عامة الناس، وفي جلساتهم السوقية، ومع هذا وذك، تبقى ممارسات البعض منا، في الخفاء وخلف الأبواب المغلقة بشكل شرعي ورسمي أو غير شرعي ورسمي، أكثر حرجا وإحراجا مما كتبته سلوى ألنعيمي وغيرهن من الكاتبات العربيات في أمور الجنس، والمواقف الحميمة والساخنة. ويبقى السؤال المطروح هو:
هل لو سمح بنشر كتاب سلوى ألنعيمي وغيرها من الكتب المشابهة، لكاتبات أخريات، كتبن في نفس الاتجاه التي كتبت فيه سلوى ألنعيمي كتابها، ستلقى مثل هذه الكتب، الانتشار والاهتمام والشهرة الواسعة، التي لقيها كتاب سلوى ألنعيمي (برهان العسل) ؟؟؟ حقيقة سؤال يستحق البحث عن جواب له، خاصة ونحن نعيش في عصر العولمة والانفتاح وعصر التكنولوجيا والتدفق الهائل والكمي والنوعي للمعلومات.


الجنس في ادب الكاتبات العربيات – ريم نجمي
كثيرا ما يطرح سؤال على الكاتبات والشاعرات العربيات، إن كن يكتبن انطلاقا من تجربة شخصية، خاصة إذا تعلق الأمر بتجربة جنسية أو تجربة حب. كثيرا ما يطرح سؤال على الكاتبات والشاعرات العربيات، إن كن يكتبن انطلاقا من تجربة شخصية، خاصة إذا تعلق الأمر بتجربة جنسية أو تجربة حب. هل تكتب المرأة عن تجربة جنسية انطلاقا من تجربة شخصية عاشتها أم أنه مجرد خيال لغوي. وهل ينبغي الحكم على الأدب حكما أخلاقيا أم ينبغي أن يتوقف النقد عند محتوى الكتاب؟ ريم نجمي تحدثت إلى كاتبات عربيات عن الحكم على أعمالهن. كثيرا ما يطرح سؤال على الكاتبات والشاعرات العربيات، إن كن يكتبن انطلاقا من تجربة شخصية، خاصة إذا تعلق الأمر بتجربة جنسية أو تجربة حب. فعلى سبيل المثال عندما صدرت عام 2007 رواية “برهان العسل” للكاتبة والشاعرة السورية سلوى النعيمي، كان السؤال الأول الذي يطرح عليها، كما تقول: “هل التجربة في رواية برهان العسل تجربة شخصية؟ وأنا أجيب كعادتي بالضحك وأقول لهم كل ما أكتبه حقيقي وكل ما أكتبه متخيل”. وكانت هذه الرواية قد أحدثت ضجة كبيرة في العالم العربي، لأنها تتناول الحياة العاطفية والجنسية لامرأة عربية. لكن ماذا تقصد سلوى النعيمي بعبارة “كل ما أكتبه حقيقي ومتخيل؟”. لا تحاول الكاتبة شرح ذلك، إنما تحيطه بستار يفتح المجال لتفسيرات عديدة عندما تقول: “هذا يعني أشياء كثيرة”. وقد عايشت سلوى النعيمي في هذا الباب قصصا طريفة وتحكي واحدة منها: “في لقاء مع القراء في ايطاليا كانت القارئات يسألنني: “هل يمكننا الحصول على رقم هاتف المفكر؟”، وهو الاسم الذي أطلقته سلوى النعيمي على بطل روايتها الشهيرة برهان العسل، وكان يتميز بقدراته الجنسية الخاصة، وتعامله الرقيق مع بطلة الرواية. “أكتب عن الجنس انطلاقا من تجربة شخصية” الشاعرة المغربية وداد بنموسى تناولت في قصائدها موضوع الجسد والجنس، خاصة في ديوانها ” زوبعة في جسد” الصادر في الرباط سنة 2009 الشاعرة المغربية وداد بنموسى تناولت في قصائدها موضوع الجسد والجنس، خاصة في ديوانها “زوبعة في جسد” الصادر في الرباط سنة 2009. وداد لا تجد حرجا في أن تقول إن ما تكتبه عن الجنس هو نتيجة تجربة ذاتية: “لأن أية تجربة لا تنبع من تجربة ذاتية ستكون تجربة ناقصة”. وفي حديثها معنا تعبر وداد بنموسى عن رأيها بأن “التجربة الشخصية هي التي تغذي أي كتابة وأن المصدر الحقيقي لها هو الذات التي تلتحم مع الصدق”. وتضيف الشاعرة المغربية: “أن نعيش الحب هو شيء مفروغ منه، على اعتبار أن الحب هو أسمى شيء في الوجود والله خلقنا لكي نحب، أما أن نعيش تجربة الجنس فهي جزء من وجودنا وكياننا في هذا المجتمع، وهي ليست فقط مجرد عملية لإنتاج الأطفال وإنما هي متعة أيضا”. وتؤكد صاحبة “زوبعة في جسد”: “المرأة حين تكتب في هذا الموضوع بهذه الثقة أو بهذه المصداقية تكون وكأنها تجري بكل انطلاق في براري الحرية التي تمنحنا إبداعا جادا وواثقا وهادفا، الهدف منه الخلود”. ولا تريد وداد بنموسى فرض موقفها على الأصوات الأدبية النسائية التي تقول إن المرأة ليس عليها بالضرورة أن تعيش تجربة معينة حتى تكتب عنها: “أنا لست ضد من يتخفين وراء الادعاء بأن المرأة لا تكتب بالضرورة انطلاقا من تجربة معاشة، لكنني أعبر بكامل جرأتي عن موقفي الخاص ولا أريد أن أدخِل أحدا في قفص الاتهام”. كما تضيف الشاعرة المغربية في السياق نفسه: “لا أحب أن أدخل في صراع مع اللغة. اللحظة حين تُكتب سواء أكانت عاطفية أو جنسية، الهدف منها أن تصل إلى الآخر بكامل رونقها وبكامل صدقها، لأن الذات إذا لم توصل هذه اللحظة المعاشة بكامل شفافيتها فما ضرورة الكتابة؟ آنذاك من الأحسن للإنسان أن يصمت.” “الحكم الأخلاقي على الأدب ليس مقبولا” الشاعر السوري الراحل نزار قباني كان من أشهر الشعراء الذين كتبوا عن الحب والجنس وتعتقد الكاتبة السورية سلوى النعيمي أن هذا السؤال يوجه للنساء الكاتبات أكثر من الرجال ولا سيما في المواضيع التي توحي بأنها تنبع من تجربة خاصة، مثل التجارب العاطفية أو التجارب الخاصة. وتقول سلوى ضاحكة: “لو كتبت كتابا عن تجربة سياسية لن يقال لك هل عشت هذه التجربة السياسية؟ ولكن عندما تعبرين عن تجربة يمكن أن تُعتبر حميمية يطرح عليك هذا السؤال”. غير أن سلوى النعيمي لا تتضايق من هذا السؤال إذا كان صادرا من القارئ العادي إذ تقول:”لكنني أفرق بين هذا الموقف عند القارئ الفضولي الذي يحب أن يعرف أكثر إذا كانت هذه التجربة من الحياة أو متخيلة، لكن ما لا أجده طبيعيا هو أن يكتب النقد من هذا المنطلق، أي أن يشتمني الناقد، لأنني كتبت عن الجنس أو عن تجربة شخصية لي، هذا ما أجده سخيفا أو سطحيا”. ومنذ صدور روايتها “برهان العسلتعرضت سلوى النعيمي مرات عديدة إلى هذا النوع من النقد الذي يرتكز على الأحكام الأخلاقية. وتدافع سلوى النعيمي بشدة عن ضرورة الابتعاد عن هذا النوع من الأحكام في الأدب وتقول: “عندما نشر الكتاب قلت إن النقد العربي ومنذ القرن11 في زمن عبد القاهر الجرجاني، كان يميز بين شخصية الكاتب وإنتاجه الأدبي، ولا يحكم على إنتاجه الأدبي حكما أخلاقيا” وتضيف سلوى النعيمي: “بعض نقاد اليوم يحكمون حكما أخلاقيا على الكتابة الإبداعية ولا يعنيني بأي شكل من الأشكال هذا الذي يكتب هذا النوع من النقد”. “أتغار من رجل من ورق؟” “رواية ” شبه الجزيرة العربية” إحياء للأدب الإيروتيكي القديم وتلاعب حداثي مع ذلك التراث” سلوى النعيمي انتهت من كتابة رواية جديدة بعنوان” شبه الجزيرة العربية” وهي الرواية التي ستصدر في فبراير/ شباط القادم عن دار رياض الريس، وستقدم لأول مرة في معرض الكتاب الدولي بالدار البيضاء في المغرب. ولم تفصح سلوى النعيمي عن محتوى الرواية الجديدة، لكنها تقول: “إنها ستكون مفاجأة للقراء”. السؤال عن الكتابة ومعايشة ما يُكتب قد لا يقتصر على النساء فقط، وإنما طُرح هذا السؤال آلاف المرات على الشاعر السوري الراحل نزار قباني، الذي كان من أشهر الشعراء الذين كتبوا عن الحب والجنس، رغم أن الشاعر أكد في مناسبات عديدة أن المرات التي أحب فيها كانت فعلا مرات قليلة وتعد على رؤوس الأصابع. وفي نفس السياق جاء في كتاب نسيان.كم” للكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي أن الكاتب لا يكتب بالضرورة عن الحب انطلاقا من تجربة معاشة وآنية، وإنما يكتب أكثر انطلاقا من ذاكرة الحب. وفي كتابها “ذاكرة الجسد” ناقشت أحلام مستغانمي الموضوع نفسه على لسان حياة، بطلة الرواية، التي تجسد شخصية كاتبة، وقدمت روايتها الأولى هدية إلى حبيبها، لكنه لم يهتم بالرواية نفسها، بقدر ما شغله الرجل الذي كتبت عنه بطلة القصة، وسألها عن هذا الرجل ومن يكون. فأجابت: ” أتغار من رجل من ورق؟ فقال لها:”وهل تريدين أن أعتقد أنه رجل خيالي؟ “، فتجيب حياة: “هناك فرق بين الأدب ومن نكتب عنهم”. ريم نجمي هل تكتب المرأة عن تجربة جنسية انطلاقا من تجربة شخصية عاشتها أم أنه مجرد خيال لغوي. وهل ينبغي الحكم على الأدب حكما أخلاقيا أم ينبغي أن يتوقف النقد عند محتوى الكتاب؟ ريم نجمي تحدثت إلى كاتبات عربيات عن الحكم على أعمالهن. كثيرا ما يطرح سؤال على الكاتبات والشاعرات العربيات، إن كن يكتبن انطلاقا من تجربة شخصية، خاصة إذا تعلق الأمر بتجربة جنسية أو تجربة حب. فعلى سبيل المثال عندما صدرت عام 2007 رواية “برهان العسل” للكاتبة والشاعرة السورية سلوى النعيمي، كان السؤال الأول الذي يطرح عليها، كما تقول: “هل التجربة في رواية برهان العسل تجربة شخصية؟ وأنا أجيب كعادتي بالضحك وأقول لهم كل ما أكتبه حقيقي وكل ما أكتبه متخيل”. وكانت هذه الرواية قد أحدثت ضجة كبيرة في العالم العربي، لأنها تتناول الحياة العاطفية والجنسية لامرأة عربية. لكن ماذا تقصد سلوى النعيمي بعبارة “كل ما أكتبه حقيقي ومتخيل؟”. لا تحاول الكاتبة شرح ذلك، إنما تحيطه بستار يفتح المجال لتفسيرات عديدة عندما تقول: “هذا يعني أشياء كثيرة”. وقد عايشت سلوى النعيمي في هذا الباب قصصا طريفة وتحكي واحدة منها: “في لقاء مع القراء في ايطاليا كانت القارئات يسألنني: “هل يمكننا الحصول على رقم هاتف المفكر؟”، وهو الاسم الذي أطلقته سلوى النعيمي على بطل روايتها الشهيرة برهان العسل، وكان يتميز بقدراته الجنسية الخاصة، وتعامله الرقيق مع بطلة الرواية. “أكتب عن الجنس انطلاقا من تجربة شخصية” الشاعرة المغربية وداد بنموسى تناولت في قصائدها موضوع الجسد والجنس، خاصة في ديوانها ” زوبعة في جسد” الصادر في الرباط سنة 2009 الشاعرة المغربية وداد بنموسى تناولت في قصائدها موضوع الجسد والجنس، خاصة في ديوانها “زوبعة في جسد” الصادر في الرباط سنة 2009. وداد لا تجد حرجا في أن تقول إن ما تكتبه عن الجنس هو نتيجة تجربة ذاتية: “لأن أية تجربة لا تنبع من تجربة ذاتية ستكون تجربة ناقصة”. وفي حديثها معنا تعبر وداد بنموسى عن رأيها بأن “التجربة الشخصية هي التي تغذي أي كتابة وأن المصدر الحقيقي لها هو الذات التي تلتحم مع الصدق”. وتضيف الشاعرة المغربية: “أن نعيش الحب هو شيء مفروغ منه، على اعتبار أن الحب هو أسمى شيء في الوجود والله خلقنا لكي نحب، أما أن نعيش تجربة الجنس فهي جزء من وجودنا وكياننا في هذا المجتمع، وهي ليست فقط مجرد عملية لإنتاج الأطفال وإنما هي متعة أيضا”. وتؤكد صاحبة “زوبعة في جسد”: “المرأة حين تكتب في هذا الموضوع بهذه الثقة أو بهذه المصداقية تكون وكأنها تجري بكل انطلاق في براري الحرية التي تمنحنا إبداعا جادا وواثقا وهادفا، الهدف منه الخلود”. ولا تريد وداد بنموسى فرض موقفها على الأصوات الأدبية النسائية التي تقول إن المرأة ليس عليها بالضرورة أن تعيش تجربة معينة حتى تكتب عنها: “أنا لست ضد من يتخفين وراء الادعاء بأن المرأة لا تكتب بالضرورة انطلاقا من تجربة معاشة، لكنني أعبر بكامل جرأتي عن موقفي الخاص ولا أريد أن أدخِل أحدا في قفص الاتهام”. كما تضيف الشاعرة المغربية في السياق نفسه: “لا أحب أن أدخل في صراع مع اللغة. اللحظة حين تُكتب سواء أكانت عاطفية أو جنسية، الهدف منها أن تصل إلى الآخر بكامل رونقها وبكامل صدقها، لأن الذات إذا لم توصل هذه اللحظة المعاشة بكامل شفافيتها فما ضرورة الكتابة؟ آنذاك من الأحسن للإنسان أن يصمت.” “الحكم الأخلاقي على الأدب ليس مقبولا” الشاعر السوري الراحل نزار قباني كان من أشهر الشعراء الذين كتبوا عن الحب والجنس وتعتقد الكاتبة السورية سلوى النعيمي أن هذا السؤال يوجه للنساء الكاتبات أكثر من الرجال ولا سيما في المواضيع التي توحي بأنها تنبع من تجربة خاصة، مثل التجارب العاطفية أو التجارب الخاصة. وتقول سلوى ضاحكة: “لو كتبت كتابا عن تجربة سياسية لن يقال لك هل عشت هذه التجربة السياسية؟ ولكن عندما تعبرين عن تجربة يمكن أن تُعتبر حميمية يطرح عليك هذا السؤال”. غير أن سلوى النعيمي لا تتضايق من هذا السؤال إذا كان صادرا من القارئ العادي إذ تقول:”لكنني أفرق بين هذا الموقف عند القارئ الفضولي الذي يحب أن يعرف أكثر إذا كانت هذه التجربة من الحياة أو متخيلة، لكن ما لا أجده طبيعيا هو أن يكتب النقد من هذا المنطلق، أي أن يشتمني الناقد، لأنني كتبت عن الجنس أو عن تجربة شخصية لي، هذا ما أجده سخيفا أو سطحيا”. ومنذ صدور روايتها “برهان العسلتعرضت سلوى النعيمي مرات عديدة إلى هذا النوع من النقد الذي يرتكز على الأحكام الأخلاقية. وتدافع سلوى النعيمي بشدة عن ضرورة الابتعاد عن هذا النوع من الأحكام في الأدب وتقول: “عندما نشر الكتاب قلت إن النقد العربي ومنذ القرن11 في زمن عبد القاهر الجرجاني، كان يميز بين شخصية الكاتب وإنتاجه الأدبي، ولا يحكم على إنتاجه الأدبي حكما أخلاقيا” وتضيف سلوى النعيمي: “بعض نقاد اليوم يحكمون حكما أخلاقيا على الكتابة الإبداعية ولا يعنيني بأي شكل من الأشكال هذا الذي يكتب هذا النوع من النقد”. “أتغار من رجل من ورق؟” “رواية ” شبه الجزيرة العربية” إحياء للأدب الإيروتيكي القديم وتلاعب حداثي مع ذلك التراث” سلوى النعيمي انتهت من كتابة رواية جديدة بعنوان” شبه الجزيرة العربية” وهي الرواية التي ستصدر في فبراير/ شباط القادم عن دار رياض الريس، وستقدم لأول مرة في معرض الكتاب الدولي بالدار البيضاء في المغرب. ولم تفصح سلوى النعيمي عن محتوى الرواية الجديدة، لكنها تقول: “إنها ستكون مفاجأة للقراء”. السؤال عن الكتابة ومعايشة ما يُكتب قد لا يقتصر على النساء فقط، وإنما طُرح هذا السؤال آلاف المرات على الشاعر السوري الراحل نزار قباني، الذي كان من أشهر الشعراء الذين كتبوا عن الحب والجنس، رغم أن الشاعر أكد في مناسبات عديدة أن المرات التي أحب فيها كانت فعلا مرات قليلة وتعد على رؤوس الأصابع. وفي نفس السياق جاء في كتاب نسيان.كم” للكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي أن الكاتب لا يكتب بالضرورة عن الحب انطلاقا من تجربة معاشة وآنية، وإنما يكتب أكثر انطلاقا من ذاكرة الحب. وفي كتابها “ذاكرة الجسد” ناقشت أحلام مستغانمي الموضوع نفسه على لسان حياة، بطلة الرواية، التي تجسد شخصية كاتبة، وقدمت روايتها الأولى هدية إلى حبيبها، لكنه لم يهتم بالرواية نفسها، بقدر ما شغله الرجل الذي كتبت عنه بطلة القصة، وسألها عن هذا الرجل ومن يكون. فأجابت: ” أتغار من رجل من ورق؟ فقال لها:”وهل تريدين أن أعتقد أنه رجل خيالي؟ “، فتجيب حياة: “هناك فرق بين الأدب ومن نكتب عنهم”. 





رواية "برهان العسل"
قراءة سوسيو ثقافية
أسامة غانم
تقوم رواية ((برهان العسل)) للروائية السورية سلوى النعيمي على لعبة الاختلاف والتطابق، ففيها يتأسس الاختلاف في السرد – التأويل، والتطابق في الرؤيةالمعنى، فالنص هو الاختلاف عينه، ونصيته هي اختلافه عن نفسه، ومن هنا، فان النص من خلال نصيته يأتي بنصوص أخرى، يدمجها، يستحضرها، لدعم النص الأصلي، ولتشكيل بؤرة مركزية، وهذا ما اشتغلت عليه النعيمي، عندما ملأت نصها بمقتطفات مستلة من كتب التراث تدور جميعها حول الجنس والمعاشرة، حتى محتويات الرواية لم تضعها على شكل فصول، بل عمدت إلى تقسيمها على شكل أبواب على طريقة كتب التراث العربية الإسلامية، وهذه المقتطفات المختلفة تقرأ أو تؤوّل ضمن أنها جزء من النص، وأنها ضمن المعنى العام الذي يقرأ بوصفه دلالة.
إن النص يخفي شيئاً ما، لذا يجب أن نكشف هذا الشيء، ونعلنه ونستدرجه، فالنص ينظر إليه هنا على انه لعبة تمنح المؤلف والقارئ إمكانية إنتاج معانٍ كثيرة، وعلاقات تواصلية لا نهائية محققة للعمل وجودة باللقاء بين النص والقارئ، ففي هكذا نص نعثر على الذات والموضوع، والذات والعالم، والمؤوِّل والمؤوَّل، وفي الاختلاف والتطابق – التأويل/ المعنى – يحدث اللعب، إذ أن لعبَ اللعب، هو تأويل التأويل، وتجلي المعنى، وفي الآخر تكون اللغة هي موضع اللعب.
أما الجسد في الثقافة العربية الإسلامية، فيكون شديد الحساسية والإرباك، شديد التوجس والحذر، وخاصة في النص الأدبي العربي المعاصر، الذي يتناول الجسد، جسد امرأة، امرأة تحكي عن مغامرات جسدها، وارتعاشاته، ولذته، وتشظيه في رغبته، وفناءه في الآخر، ولان (الثقافة تحرم الجسد المؤنث من حقه اللغوي العقلي وتحصره في حقل دلالي واحد لا يغادره ولا يخرج عنه، إلا إلى متاهات الإقصاء والإلغاء)(1)، عليه تصبح أية كتابة من قبل المرأة عن جسدها، ضمن سياقات وأنظمة هذه الثقافة المتموضعة في ذهنية الفحولة، معارضة ومخالفة، وتعمل على تخريب الذائقة السردية الذكورية المحفورة عميقاً في الذاكرة المجتمعية.
إن رؤية الساردة للعالم وللآخرين وللأشياء تمر عبر جسدها، وهذا ما تعلن عنه منذ أول سطر في بداية الرواية: هناك من يستحضرُ الأرواح، انا استحضر الأجساد. لا اعرف روحي ولا أرواح الآخرين. اعرف جسدي وأجسادهم ص13 الرواية. فالوعي بالشيء، ينبثق من خلال الإدراك الحسي، من خلال الإدراك الجسدي، ان الجسد هو الوحيد الذي يستطيع احتواء واستيعاب الأشياء والتلاحم معها وتميز وفرز الآخرين، ففي تجربة الجسد (= التفاعل مع الاجساد والعالم) تتحقق التجربة الإنسانية، التجربة الوجودية. يقول موريس ميرلوبونتي ((انني أرى اشياء العالم الخارجية بجسدي، المسها، اكتشفها، اطوف حولها))(2)، فالجسد هو الذي يوحدنا مع العالم، وهو الوسيلة التي نتوصل بها إلى صميم الأشياء، لذا لا جنس بلا جسد، ولا جسد بلا جنس، وبهما يتكامل ويتحقق الفعل الإنساني، باللقاء الجسدي بين الاثنين، بين المرأة والرجل، وبهذه الوحدة – الجنسية يتموضع ويتفصل ويتميز الأنثى عن الذكر.
لماذا اختارت الروائية ((برهان العسل)) اسماً لروايتها؟ قبل ان نفكك العنوان علينا ان نعبر عبر الغلاف الأمامي للرواية، إلى الرواية النص، ولو عرفنا ان سرد – الصورة يتطابق مع سرد – النص ، لان الصورة، تمثل الجسد الإنساني، رغم ان اللغة فيها هي لغة الجسد، ولغة الصورة المشفرة هي جسد النصّ الدلالة، والغلاف عبارة عن صورة امرأة عارية، راكعة على ركبتيّها، لا يظهر في أعلى الصورة إلا اسفل ذقنها وجزء من فمها، وفي الاسفل يظهر أعلى مؤخرتها مطوقة هي وخاصرتها بسلسلة مذهبة، ملتصقة على فخذ رجل عاري، بكلتا يديها وكل صدرها، وشعرها مسدل على ظهرها وصدرها في حالة فوضى، يقول بارت: هناك صور معينة، انها تمتع المؤلف بنفسه وهو يضع اللمسات الأخيرة على كتابه، فلذته هي الافتنان وبذلك تكون أنانية تماماً). ان الصور في هذه الحالة أساسية، لان لذة النص أساسية، ولذة المؤلف تظل موضع نقاش، في الكلمة والصورة(3).
برهان/ العسل! لنقرأ ما تقوله الساردة عندما تقابل الآخر الرجل:
-
كنت أصل إليه مبللة وأول ما يفعله هو أن يمد إصبعه بين ساقيّ يتفقدُ ((العسل)) كما كان يسميه، يذوقه ويقبلني ويوغل عميقاً في فمي ص30 الرواية.
اما البرهان فهو الحجة، وقد برهن عليه أي أقام الحجة عليه، كما جاء في صحاح الرزاي، فـ برهان العسل = حجة الفرج = الحجة التي أقامها الفرج على الذكر.
تقول سلوى النعيمي: أردت أن أبرهن فعلياً على ان اللغة العربية قادرة على كتابة الجنس والتعبير عن الحميمي من قبل ومن بعد، وعلى ان لذة الجنس تحتل مكانة أساسية في هذه الثقافة بعيد عن مفهوم الخطيئة والدنس، عبر تداخل نصي الحديث مع الاستشهاد بكتاب قدماء مثل الجاحظ والسيوطي والنفزاوي والتيفاشي(4).
لقد أرادت سلوى النعيمي ان تذكرنا بان كتب التراث في الثقافة العربية الإسلامية تحتوي على الكثير من الكتب التي تتناول الجسدالجنس، وهي مكتوبة من قبل فقهاء كبار وعلماء لهم بصمتهم الواضحة في الثقافة الإسلامية مثل كتاب (السحاقيات) للصميري، وكتاب (نزهة الألباب فيما لا يوجد في كتاب) للتيفاشي، وكتاب (روض العاطر في نزهة الخاطر) للنفزاوي، وكتاب (رجوع الشيخ إلى صباه) مجهول المؤلف، وكتاب (طوق الحمام) لابن حزم الأندلسي.
ان برهان العسل (طرح سؤالاً اساسياً في علاقتنا بلغتنا العربية وبتراثنا العربي الإسلامي. لما نعيش هذا البتر المعرفي الذي يشوهنا؟ الذي يسمم علاقتنا حتى بأجسادنا؟).
لما نعيش هذا البتر المعرفي؟ ولدينا هذا الكم الهائل من كتب التراث التي تبحث في موضوعة الجنس، والجسد، يرى الباحث والناقد هيثم سرحان في كتابه (خطاب الجنس: مقامات في الأدب العربي القديم) ان الثقافة العربية تمتلك رصيداً أدبياً هائلاً لم يُقرأ ولم يُفكك ويؤول، يقول في ذلك:
الناظر في الظاهرة الجنسية في العالم العربي يكتشف ان الجنس موضوع محظور في التداول والتفكير والنشاط الإنساني، وذلك لان هناك اكراهات فقهية واجتماعية وثقافية تمارس ضده وتؤدي إلى حجبه وإبعاده وإغفاله، ولعل من المثير للدهشة أن الثقافة العربية تملك سبعة قرون من الكتابة الجنسانية في تراثها لكنها تمنع وتراقب وتعاقب من يقترب من تناول الجنس(5). ليس ذلك فحسب، بل أن التراث كانت له انتهاكات كبرى في مجال الجنسانية مثل الاستحواذ على مصادر الجنس واحتكارها من قبل الخلفاء والوزراء والولاة والقضاة، في حين كانت الجماهير تعيش بؤساً وحرماناً جنسيين، وتخضع لمراقبة ومعاقبة اذا قامت بسلوك جنسي يتناقض مع الأنظمة التي وضعتها السلطة، هذا الاختلال بحقل الجنسانية مكن خطاب الفقه من الخروج ببديل منهجي قائم على التحريم والتأثيم التدنيس.
لقد عملت الروائية على الاشتغال على التداخل النصي منذ الأسطر الأولى، بين السرد الروائي والنصّيات التراثية، بحيث شكل ذلك فسيفساء ملونة، جسدت الوحدة العضوية في جسد النص، وان هذا التناص حسب مفهوم جوليا كرستيفا ادى الى محاولة تقويض سلطة المحظور والخروج منه إلى سلطة المتخيل: (الجنيد الذي كان يقول: احتاج إلى الجماع كما احتاج إلى القوت، لدي حاجة عضوية للماء والمني والكلمات ثلاثة هي عناصري الاولية – ص 52-
الرواية) فالماء دلالة ايمائية رمزية جنسية، ففيها التوالد والخصوبة والحياة، ولا حياة بدون ممارسة الجنس (= الفعل البيولوجي)، وبدون المني ، فالماء = المني ، وهذا يذكرني بما يقوله سليم بركات:
فلتكن المياه عربتي وجيادي
فلتكن المياه عصاي اذا اجتاز كالأعمى،
سراديب البطولة.
المياه المياه.
درعي المياه.
تبدأ الرواية بباب ازواج المتعة وكتب الباه وبجملة (انا استحضر الاجساد) وتنتهي بباب الحيل وبجملة (لم اعش حكايتي فضيحة)، والرواية تسّرد بضمير المتكلم (انا)، بضمير المؤنث للساردة التي لا تحمل أي اسم، وهي الصوت الوحيد، فهل الأنا هو صوت المرأة الذي تتحدث من خلاله؟ وتختلط علينا عائدية الأنا، ما بين الروائية والساردة، لان الوحدة التركيبية للرواية قائمة على الخطاب النسائي الواحد، وبناءاً على ذلك نرى ان عالم الحياة الذاتية الوجودية للمؤلف (هو ذلك الجانب من المؤلف الذي يتسرّب إلى النصّ، وبهذا يُقرأ المعنى او عالم الحياة الذاتية من طرف المؤول بوصفه معنى النصً، ورغم ذلك يتميّز معنى النصّ من النص، لأن ذلك المعنى يعزى إلى المؤلف، ان معنى النص، هو مضمون النصّ كما يتكشّف في أنواع الأنماط المختلفة: النفسية، والاجتماعية، والسياسية، والتاريخية، فهرمنوطيقا النصّ الأدبي هي تأويل للمعنى الذي يقرأه القارئ في النص)(6).
ولكن من يؤسس معنى العمل هو القارئ، وفعل تأسيس المعنى هذا إنما هو طريقة يُعرّف النص طبقاً لها، ولكن هنا المعنى يختلف عن النص، ذلك لأن المعنى يتأسس في القراءة.
هذا يقودنا إلى العثور على تطابق الرؤية (= التشابه في وجهة النظر، في نمطية الشخصية، في الفعل الوجودي) عند السادرة والروائية جزئياً، فكلتهما دمشقية: (دمشق مدينة طفولتي-ص53 الرواية)، (سلوى النعيمي، شاعرة وصحفية سورية. تعيش وتعمل في فرنسا – صفحة التعريف بالمؤلفة) كلفت الساردة بكتابة دراسة بحثية عن الكتب الجنسية العربية القديمة بناءاً على طلب المكتبة الوطنية الفرنسية التي تعمل فيها كأمينة مكتبة، فتأخذ إجازة وتغادر باريس مع كتبها ومراجعها إلى تونس: (طلبت إجازة من عملي في المكتبة، حملت كتبي وهربت من باريس إلى تونس- ص51 الرواية)، الرواية كتبت ما بين باريس / تونس: (كنتُ أظن ان الكتابة في موضوع الجنس لم تعد من المحضورات لأنني كنت اقرأ ما يكتب، قلت هذا في النص نفسه ساخرة من الرقابة العربية في زمن الانترنتالحوار)، بالإضافة إلى ان الساردة شاعرة وروائية (عدتُ إلى كتابة قصائدي الصغيرة – ص96. الرواية).
ولكن هذا التشابه ليس معناه تشابهاً حرفياً، وليس معناه ان السادرة في النص هي نفسها الروائية في الواقع، لا أبداً، بل هذا التطابق والتشابه، يقع في منطقة الما بين، بين التخييل واللاتخييل، حتى الفعل السردي مشمول بذلك، بالإضافة إلى التجربة، (فهي لاتسرد الحوادث إلى حدثت بحد ذاتها، ومع ذلك هي تقدم ادراكات حسّية ترمي إلى الإخبار، والإمتاع، والإثارة)(7)، للقارئ الذي يبني عالمه الخيالي أيضاً، وبالذات للقارئ العربي، المليئة ذاكرته التراثية بالأساطير والتخيلات الجنسية الجامحة كـ (ألف ليلة وليلة)، التي وضعها البعض في قفص الاتهام، بعد ألف عام، لمحاكمتها كداعرة تعمل على إفساد العقول، وتقوّض وتزعزع الأخلاق، رغم انها تعتبر من روائع ما أنتجه الفكر الإنساني، ورغم قيمتها الإبداعية والثقافية، وهي من أشهر كتب التراث في الثقافة العربية الإسلامية، ومصدر لكثير من الأعمال الإبداعية الأدبية في القرن العشرين.
لقد أحدثت سلوى النعيمي خرقاً في بنية الدكتاتورية اللغوية الذكورية، وخلخلة المركزية الفحولية المهيمنة على السردية العربية، والعمل على تكريس خطاب الأنوثة الذي يؤمن بالثنائية الجنسانية.
إن القارئ قد يكون مخطئاً في فهم النص على المعنى الذي قصده المؤلف – أحيانا يكون المعنى مراوغ – رغم ان سلطة النص مستمدة من التداخل النصي بين التراث واللحظة السردية في الرواية، فإذا قرأ القارئ النص، ثم يعلن رأياً قاطعاً يكون قد وصل إلى حالة التوحد مع النص، ليصبح متفرداً، لا يمس، بينما يظل النص مرجعياً من الناحية العملية، الا ان القارئ يصبح دكتاتورياً، والحقيقة تظهر فقط من خلال القراءة المختارة للنص، وان القارئ هنا وبالذات في هكذا رواية، يستطيع ان ينشئ أيضاً معنى النص، عن طريق اختيار مقاطع من النص لتقديمها إلى القراء، فيهدم مرجعية النص بعملية الاختيار هذه.
لقد ابتعدت المرأة في كتابتها عن لغة الرجل، بعد ان تعلمت منه فن الكتابة، ثم طورت نفسها، ووضعت لها أسلوباً خاصاً بها يميزها عنه، لذا لم يعد نتاجها مكرراً لنموذج الرجل، وبهذا اكتسبت وعيها، وحققت خصوصيتها، مؤكدة على وجودها كذات مستقلة غير تابعة للرجل، بعد أن تحررت من مخاوفها(8)، فتحرير الذات يعتبر في الحقيقة تحريراً للجسد، وفي رواية ((برهان العسل)) يتحرر الجسد من خلال الذاكرة والخيال، وان فلسفة الجسد التي يمكن التعبير عنها عبر المظاهر والحالات السوسيولوجية والثقافية، لا يمكن فهمها الا من خلال استيعاب عميق سوسيوتاريخي ورؤية شمولية لوعي الإنسان بجسده.
ان الذاكرة والخيال، مضافاً إليهما كتب التراث الجنسية، تحدد ملامح البطلة بها، وبهذه النقاط الثلاث تكون مكتملة، في تسطير رؤيتها لما ترغب، ولما تريد ان تعلنه، ولما تفضحه، بحيث أصبحت جزء من ثقافتها، ومخيلتها، وحياتها الجنسية، حتى تساؤلاتها كانت تتوقف عند معلميّها القدماء لأنهم كانوا اكبر من هكذا أسئلة:
هل كوني امرأة هو الذي يفخخ قراءاتي السردية؟.
أليس اعتباري لها سراً جزءاً من تلك التربية المخصية التي ربيت عليها. لماذا يمكنني ان اتباهى بقراءة الأدب البورنوغرافي الغربي والشرقي واخفي قراءتي للتيفاشي؟ ص22 الرواية.
ان الحفر المعرفي الذي قامت به سلوى النعيمي في جسد هذه الرواية، وفي جسد بطلة الرواية، هو الجمع بين الرمز والخيال والواقع، مستمداً نسغه من كتب التراث العربية الإسلامية الجنسية، ومعتمداً على الرؤية السوسيوتاريخية والايديولوجية والسياسية والسايكولوجية في انطلاق وتحرر الجسد باعتباره لغةً ونصاً مفتوحاً على كل الاحتمالات الممكنة للتأويل.
وبما ان الجسد الأنثوي حامل للعلامات فهو إذا يلتقي مع النص الذي هو نظام مفتوح من العلامات مع معانيها المتعددة، ولان القراءة تفكك النص بحيث أن العلامات من جهة أولى، تحقق الدلالة، والدلالة من جهة أخرى، تحقق معنى من خلال التأويل.
نقرأ في ((باب المفكر والتاريخ الشخصي)) الفقرة الآتية:
المفكر حكاية وحده.
قسمت حياتي قسمين ق.م: قبل المفكر وبعد المفكر.
كنت أصل اليه مبللة تماماً. يكفي ان أفكر فيه كي يفور دمي.
ألم يقل لي المفكر مرة، ونحن في المقهى، وانا أغالب شهوتي اليه في مكان عام: لم اعرف قبلك امرأة يعلن وجهها ((انتصابها)) ص29 الرواية.
ان الكلمات ((لم أعرف قبلك امرأة يعلن وجهها انتصابها)) هي البؤرة التي تلفت الانتباه، فقد يتساءل أي مرء من الذي يتكلم هنا؟ أكيد لا يمكن ان تكون الراوية، حتى بصورة غير مباشرة، ما دام تؤول شهوة البطلة على انه شبق، ولا يمكن ان يكون المفكر لأنه يعرف ان البطلة ترغب به بقوة، ان الصيغة ((يعلن وجهها انتصابها)) تعني عن اهتمام شخصية واحدة، شخصية ليست هي البطلة ولا المفكر، وإنما القارئ، فالقارئ هو الباحث عن الحقيقة، وهو المتتبع للخطاب السردي، رغم ان الخطاب السردي الروائي موازياً للخطاب السردي التراثي وأحياناً يكون متداخلاً مع الخطاب الآخر، إلا أنهما يكونان مستقلين، ويملك كل منهما خصائصه، ومميزاته، وتوجهاته الدلالية، إلا أنهما يخضعان لقرائية تأويلية موحدة، ذات اتجاهات متعددة.
وبالعودة إلى الصيغة ((امرأة يعلن وجهها انتصابها))، يكون معناها الدلالي الخاص المتمثل في نصية النص، غير معناها الدلالي العام المتمثل في ايحائية النص، فان دريدا يقول ان هناك ((نصاً عاماً ينقش، ويغمر عملياً، حدود خطاب تنظيمه، بشكل تام، الماهية، والمعنى، والحقيقة، والوعي، والمثالية، الخ))، مما يعني ان هنالك المعنى الغائب، الذي يكون باستطاعتنا استعارته ومواجهته مع الصيغة السابقة:
-
قراءاتي السرية تجعلني اعتقد أن العرب هم الأمة الوحيدة في العالم التي تعد الجنس نعمة، وتشكر الله على هذه النعمة. ص43/ الرواية.
اما مفاجأة الراوية الكبرى للقارئ، فهي ان المفكر، لم يكن موجوداً نهائياً، وان حكايته كانت لعبة سردية اخترعتها الراوية:
-
قلت له: كن، فكان كما خلقته انا بكلماتي ص147 الرواية.
ليس ذلك فحسب، بل تقوم الراوية بالتأكيد على ذلك، ان المفكر (كان حيلة) من حيل الكتابة، وهذا الشيء يعمل على قلب موازين المعادلة للرواية جميعها ويضعها في خط اللاحسبان واللامتوقع، واللجوء إلى منعطف خطير في قرائية تأويلية منبثقة من سردية فجائية، تظهر لأول مرة، لرسم مسارات ونهائيات، يشتغل عليها القارئ، فقط القارئ، وخزينه المتراكم من معارفه المتواجدة في فكره:
-
يخطر لي الآن، وأنا أعيد قراءة ما اكتب، ان المفكر كان حيلة من حيل الكتابة وانه لم يوجد أبداً، ولذلك كان لابد لي من ان اخترعه. ص147 الرواية.
الهوامش و الاحالات:
1-
د. عبد الله الغذامي – ثقافة الوهّم: مقاربات حول المرأة والجسد واللغة. المركز الثقافي العربي. الدار البيضاء. بيروت ط1 1998. ص83.
2-
د. يوسف تيبس – تطور مفهوم الجسد – مجلة عالم الفكر . العدد 4. المجلد 37. ابريل – يونيو/2009. ص56.
3-
ج. هيو سلفرمان – نصيّات : بين الهرمينوطيقا والتفكيكية. ت: حسن ناظم وعلي حاكم صالح. المركز الثقافي العربي. الدار البيضاء. بيروت ط1 2002. ص191.
4-
حوار أجرته الصحفية ريم نجمي في قنيطرة مع الروائية سلوى النعيمي. أعادت نشره جريدة الوطن العراقية في العدد (27) 16/أيلول/2010، و أي اقتباس آخر للروائية الواقع ضمن قوسين وبدون ترقيم هو مستل من الحوار.
5-
حوار أجراه محمود منير في جريدة (العرب اليوم) مع الباحث والناقد الأردني هيثم سرحان في العدد 4990 في 6/3/2011 حول كتابه (خطاب الجنس: مقاربات في الأدب العربي القديم).
6-
نصّيات. م.ن ص121.
7-
نصّيات م.ن ص151.
8-
د. فاطمة بدر – خطاب المرأة العراقية الروائية . مجلة جدل العدد 7-8/ك2 شباط 2008. ص35.
*
سلوى النعيمي – برهان العسل – رياض الريس للكتب والنشر – لبنان/بيروت ط3/ايلول  .2008



 
"برهان العسل"رواية إيروتيكية تسمي كل عضو باسمه
تكاثرت النصوص التي تتناول الجنس على رفوف المكتبة العربيّة... لكن «برهان العسل» رواية إيروتيكية بامتياز، تُدخل الأدب المعاصر في مرحلة جديدة، حاسمة. جسد المرأة هنا «يجاهر» بطقوسه الإباحيّة، وسلوى النعيمي تسمّي الأشياء بأسمائها... مستعيدةً الصلة بجزء أساسي من تراثنا القديم
لا تتأخر سلوى النعيمي في إدخال القارئ إلى عالم روايتها «برهان العسل» (رياض الريس). بطلة الرواية التي تكاد تكون المؤلفة نفسها ــ من دون أن يعني ذلك أننا أمام سيرة ذاتية للشاعرة السورية المقيمة في باريس ــ واضحة منذ البداية: قررت أن ترفع الموانع عن تجاربها الجنسية وتتحدث علانية عن كل التفاصيل الحميمة التي يفضّل المجتمع أن تظل طي الكتمان.
هناك من يستحضر الأرواح، أنا أستحضر الأجساد. لا أعرف روحي ولا أرواح الآخرين. أعرف جسدي وجسدهم» ما يأتي بعد هذا التمهيد هو رواية إيروتيكية تسمي كل عضو باسمه، وتفضح الأسرار التي تحدث في السرير.
من دون مقدمات، تبدأ الرواية قصفها السردي العنيف الذي تفصح فيه البطلة عن رغباتها السرية، وعن الذين عاشرتهم. تقول إنهم ليسوا عشاقاً بل مجرد أدوات جنسية. فكرة الرواية بسيطة. تثير البطلة أسئلة هي في متناولنا جميعاً، لكنّ الفرق أنّها تضعها في التداول العلني بينما المجتمع يفضّل ابقاءها محجوبة. سلوى النعيمي تطالب، من خلال روايتها، بالكفّ عن كتابة الجنس والحديث عنه بالمواربة، مستندةً بذلك إلى كتب التراث الجنسي العربي التي تذكر مباشرةً أسماء الأعضاء وأوضاع الجماع وأكثرها لذة وفائدة للجسد.
تبدأ الرواية من لقاء البطلة بـ«المفكر» خلال قراءة كتب التراث الجنسي (النفزاوي والتيفاشي والطوسي والتيجاني والسيوطي والقزويني...)، وتروح تطبّق ما كتبه شيوخها عن فوائد الجماع. تسأل نفسها: «لماذا أُعلن عن ولعي بجورج باتاي وهنري ميلر والماركي دو ساد وكازانوفا والكاماسوترا وأتناسى السيوطي والنفزاوي».
التطبيق العملي لنصائح شيوخها، يدفعها إلى رواية حكايتها مع «المفكر» الذي التقته في أحد المؤتمرات، والذي يحتل المساحة الأوسع في حياتها وجسدها: «كنت أصل إليه مبلّلة، وأول ما يفعله هو أن يمد إصبعه بين ساقي، يتفقد العسل كما كان يسميه، يذوقه ويقبّلني ويوغل عميقاً في فمي». أما هي فتقول له: «من الواضح أنك تطبّق وصايا الرسول: «لا يقع أحد منكم على أهله كما تقع البهيمة، وليكن بينكما رسول: القبلة والحديث». وعن عائشة: إن رسول الله كان إذا قبّل الواحدة منا مصَّ لسانها». الواقع أنّ صاحبة «شاركتُ في الخديعة» تلجأ غالباً إلى هذا الأسلوب في تدعيم وجهة نظر بطلتها، أو بالأحرى وجهة رغباتها. وهي تفعل ذلك لتؤكد، لنفسها وللقارئ ثانياً، أنّ البطلة لا تخترع شيئاً، بل هي ابنة هذا التراث، ولا ينبغي لأحد لومها إن كانت وفية له. لا تكتفي البطلة بذلك، بل تقدم من الأمثلة التراثية ومن تجاربها الخاصة ما يُعتبر معجماً إيروتيكياً تتكئ إليه في الرواية، كما أنّ التراث الجنسي يجعلها أكثر حرية في إشباع رغباتها لأنّه يعتبر أنّ الكبت يورث الكآبة والجنون..
هكذا تروح البطلة تتسلّى بإحالة ما تعيشه مع «المفكر» على مقاطع من تلك الكتب، أو بتعبيرها: «تداخلت التجربة العملية مع القاعدة النظرية». لكنها تأخذ الرغبة إلى حدودها القصوى، فتتجنّب الحب. وحين يسألها المفكر إن كان ما بينهما جنساً فقط، تخبره بأنها لا تحب إلا جسدها. «المفكر» ليس الرجل الوحيد في حياة البطلة. هناك «الجوّاب» و»السريع» و»البعيد». إنها تفضّل أن تطلق عليهم ألقاباً. لكن هناك زوجها أيضاً؟. صحيح أنّها لا تذكره، إلا أن الرواية تتضمن مؤشرات واضحة إلى وجوده. البطلة التي تعمل في مكتبة الجامعة، والقارئة النهمة لكتب الجنس التراثية تصبح «خبيرةً في كتب الباه». ثم تكتمل الحكاية حين يعرض عليها مدير المكتبة المشاركة في معرض عن تلك الكتب في نيويورك، ترافقه ندوة عن الأدب الإيروتيكي. يصبح البحث الذي عليها انجازه ذريعة الرواية والرواية تتحول ذريعةً للبحث. فحين تتحدث بطلاقة عن رغباتها ومغامراتها الجنسية تستقوي بكتب التراث التي تحتاج إليها لإنجاز بحثها، ثم تستخدم مغامراتها وبحثها التراثي في تحدّي الزيف الاجتماعي الذي يدفعنا إلى إخفاء رغباتنا. ولا تكف البطلة عن السخرية من «مجتمع التقية» العربي الذي يظهر غير ما يخفي.
لا تكتفي البطلة بسرد حكايتها. هناك سليمى اللبنانية وزوجها المغربي. وهناك المدلّكة التونسية التي سُجن زوجها بجرم الزنا. حادثة الزنا تُستخدم كذريعة جنسية تناسب عالم الرواية. تسخر البطلة من الشروط المطلوبة لإثبات واقعة الزنا، وتروي فتوى الإمام الخميني بأن «التقبيل والمضاجعة والمعانقة وغيرها من الاستمتاعات دون الفرج ليست بزنا». ثم تستعيد حادثة السيجار بين الرئيس بيل كلينتون ومونيكا لوينسكي. وتذكّر القارئ بـ»السؤال الذي يكرره أحد الصحافيين الفرنسيين على ضيوف برنامجه التلفزيوني: هل يعتبر المصّ خيانة».
الطريف في كل هذا أنّ النعيمي لا تدّعي جرأةً ما في الاقتراب من عوالم ممنوعة، ولا تصطاد في مياه الجنس العكرة. لكن هل يمكن أن نكتب الجنس بمسمياته الحقيقية من دون أن يشكّل فضيحةً ما؟ وهل تكفي دعوة بطلة «برهان العسل» إلى نداءات الجسد، حتى يهرع القارئ، ومعه المجتمع، إلى الجهر باستيهاماته الجنسية؟
طموح صاحبة «أجدادي القتلة» يكمن هنا. تؤكد في قلب روايتها أنّ «مجتمع التقية» العربي لم يكتشف بعد «أنّه لم يبق من الثالوث المحرم إلا اثنان: الدين والسياسة.. سقط الجنس من منخل الرقابة، أو إنّها وسّعت فتحاته». وهي أيضاً تسخر من فكرة أن تصبح مشهورة بسبب منع روايتها، فحين تعرف زميلتها بأنها تكتب دراسة عن الجنس عند العرب، تقول لها إنّ الرقابة قد تمنع نشرها. فتجيب أنها ستصبح مشهورة إذا كانت الرقابة على هذا المستوى من الغباء. لكن استهزاء النعيمي لن يحول دون اصطدام روايتها بمشكلات مع أجهزة الرقابة، وبالتالي الحصول على «الشهرة» وإن لم تكن ترغب في ذلك.
يمكن وصف عمل النعيمي بأنّه رواية وبحث سوسيولوجي وجنسي معاً. والسبب أنّها تقطع غالباً حبل السرد لتتفرغ لانتقاد المجتمع أو الرقابة مثلاً. «برهان العسل» هي هذا المزيج السردي والاجتماعي الذي يخاطب القارئ بلا حياء مزيف أو خجل كاذب.
برهان العسل” (رواية) ــ شركة رياض نجيب الريّس للطباعة والنشر ــ بيروت 2007
إن التعرف على الجسد، ومحاولات اكتشافه ليست جديدة، بل قديمة قِدم الإنسان، غير أن الرؤية الذكورية هي التي تسلطت على جوانب هذه الثقافة، وأخضعتها لقوانينها، حيث حضرت المرأة في النص المتوارث رديفاً للنقص والخطيئة والمحظورات مما أدي إلي أن تتجلي صورتها في النصوص الأدبية موضوعا ومفعولا به وليست ذاتا فاعلة . وقد ظهر مصطلح ” كتابة الجسد، ليشير إلى تلك الكتابة النسائية المنطلقة من الجسد ، والمصطلح أطلقته جوليا كريستيفا عام 1974 في كتابها(ثورة اللغة في الشعر) ومن ثم تحول الجسد فى الثقافة النسوية إلى رمز للتعبير عن وعى المرأة بذاتها ورغبتها فى الاستقلال ، ومقاومة سلطات القهر الذكورى عبر التاريخ ،مما جعله بؤرة الإبداع المعاصر ، وحضر الجسد في كتابات المرأة ليندد بقهر الرجل للمرأة ، وهذا أدي إلي التركيز علي الكتابات النسوية ، ووقفت المرأة في خطابها الأيدلوجي في مقابل الرجل ، وصار الإبداع النسوي يراهن علي كشف الممارسات التي تتم علي جسد المرأة ، أو فضح اختزال المرأة في جسد ، أو حتى هدم فكرة تكبيل جسد المرأة وتأثيمه في مقابل تلك الحرية الممنوحة للرجل ليعبر عما يشعر به ويريده من جسد المرأة ، وظهرت روايات كان رهانها الرئيس منصبا علي الجسد والحواس ومن هذه الروايات ثلاثية أحلام مستغانمي ، ثم تلتها روايات وتجارب أخرى ، ومن هذه التجارب رواية ” برهان العسل للكاتبة السورية سلوى النعيمي ، وتعد هذه خطوة جديدة علي طريق ثقافة الجسد والحواس . إن رهان الرواية الأساسي هو جعل الجسد الأنثوي فاعلا راغبا ، وليس مجرد مفعول به ، وهذا كما سبق وأشرنا ناتج عن رغبة المرأة في تغيير نمط العلاقة بينها وبين سلطة الرجل وقهره وفحولته .
تحكي الرواية عن امرأة تعيش ثقافة خارج ثقافتها العربية ، امرأة تعيش في فرنسا وتعمل في مكتبة تقرأ فيها بنهم ثقافة العرب الجنسية التي بدأت معها من خلال تاريخ سري للذات الساردة التي بدأت رحلة قراءة الحياة الجنسية عند العرب منذ الصغر ، فقرأت النفزاوي، التفاشي، الطوسي، الجاحظ، التيجاني . ،صار عندها الوعي بالذات الجمعية والذات المفردة ، الذات الجمعية العربية التي تحترم الجسد ورغباته ، وتقدم التاريخ المنسي للثقافة الجنسية العربية ، ولكي تسرد وقائع جسدها تعود إلى التاريخ الجنسي العربي الذي درسته وحفظته سراً، لتدرك وعيها بذاتها المفردة ، فتحول لنا ممارسة الجنس إلى متعة وتعبير عن شراكة نفسية مع جسد آخر لا تتم المتعة بدونه ، هكذا تخرج ذاتها المفردة وتعود إلى التاريخ المنسي فيها وفي مجتمع التقية كما تسميه ، و حتى يمكن اتساقها مع ذاتها ، لابد أن يكون تعبيرها عن نفسها واضحاً ومساويا لوضوح جسدها .
راهنت الرواية منذ البداية علي كسر التابوهات والجرأة الصادمة جرأة تحيل على التاريخ لا على الواقع، لأن التاريخ مسألة منجزة ولا يحتاج إلي محاسبة شديدة ، أما الواقع فيمكن محاسبة الكاتبة عليه ، وهذا أدي إلي وجود مستويين في التعبير، مستوي تعبير كتب التراث بجرأتها الصادمة واستشهاداتها الصريحة و المباشرة في تسمية كل شيء: الأعضاء الجنسية، أنواع الممارسات، الشذوذ
، والمستوى الثاني هو الذات الساردة المهمومة بالدرجة الأولي بإعلان موقفها من ذلك التكبيل الذي يمارس علي المرأة ، ويخنق جسدها وحضوره الفاعل ، إذن تختفي الكاتبة في جرأة التراث وتتخذها محفزا للسرد والتعبير عن واقعها الآني ،والجرأة تطرح منذ بداية الرواية تقول : ” هناك من يستحضر الأرواح، أنا أستحضر الأجساد لا أعرف روحي ولا أرواح الآخرين، أعرف جسدي وأجسادهم، هذا يكفي منذ السطور الأولي في الرواية تعلنها الكاتبة صراحة لا حب ولا عشق. فقط جسد جامح يسرد علاقاته ونزواته وحكاياته مع الرجال، ولا سيما العلاقة الأكثر شهوانية مع «المفكر» الذي اكتشفت البطلة جسدها من خلاله . هنا تكمن تيمة الرواية الأساسية: الجسد في حاجة دائماً إلى آخر كما أوضحنا في حاجة إلي جسد آخر يتحقق من خلاله ، ويُكتشف معه . تُروى الرواية بضمير الأنا ، ثمة أنا واحدة تتكلم عن نفسها وعن الآخرين وعن التاريخ. ليس هناك بناء للشخصيات. ليس هناك شخصيات مستقلة عن الكاتبة ، فالشخصيات في الرواية ليست حية ، بل جاءت بشكل عارض لتساعد الذات الساردة والمفكر في إقامة هيكل السرد .
وكما عمدت الكاتبة إلي الإفادة من الكتب التراثية الجنسية في مضمون روايتها ، كذلك جعلت روايتها مقسمة إلي أبواب وعناوين مثل نسق الكتب العربية القديمة .
منذ البداية تؤكد لنا علي لسان الشخصية البطلة أنها لا تفصل بين الروح والجسد تقول : ” فروحي هي جسدي. والفصل بين الروح والجسد لا يوجد في ثقافتنا العربية لكننا تعلمناه من الغرب. جسدي فقط هو ذكائي وثقافتي”.
إذن هي امرأة تحكي عن جسدها الذي هو هويتها ، تقول علي لسان المفكر الحبيب الذي اكتشفت معه جسدها وعشقته حد الوله : ” لم أعرف قبلك امرأة يعلن وجهها انتصابها
ولأن البطلة طُلبت في نيويورك لتلقي محاضرة عن الجنس العربي ،فاتخذت الكاتبة هذا تكأة لتستعرض لنا مقتطفات من كتب التراث وجاءت هذه الاستشهادات التراثية مجرد عناوين كبيرة تشتت سياق السرد دون ضرورة حقيقية أحيانا اللهم إلا الولع باستعراض هذه الجمل ، لهذا بدا السرد متقطعاً بجملة للنفزاوي أو بحديث نبوي. وهذا يجعلنا نتساءل عن مدي ملائمة هذه الطريقة من طرائق السرد ؟ ومدى وعيها بمأزق أن يتحول السرد إلي تأملات في الجنس . تقول في سرديات مختلفة من الرواية ما يؤكد علي فكرة التأملات الجنسية :
كنت أعرف أني جسدي فقط
هل الفضيحة في عمل الشيء أم في التحدث عنه
إنني جسدي فحسب
أكبر لذة بعد ممارسة الحب هي الحديث عنه
أنا لا أنام مع رجل أنا أصحو
إنها بحاجة للتمرغ سنوات على جسد رجل كي تنجلي
تقدم بطلة روايتها على إنها امرأة جسدية بالكامل ولا تفكر طوال اليوم سوى بجسدها وشهواته ” إنني جسدي فحسب ” ما من شك في امتلاك الكاتبة القدرة على فضح المسكوت عنه في المجتمعات العربية عن طريق جرأة الطرح ، ولكنها فشلت في تسريد الحياة بتفاصيلها ، حولت البطلة والرجال في حياتها إلي قوم يعلنون طوال الوقت هلوساتهم الجنسية ، وهذا ليس حكما أخلاقيا علي الرواية ، بقدر ما هو حكم جمالي حيث سقطت من الكاتبة بلاغة السرد وشعرية الرواية ، رغم أنها شاعرة وكاتبة قصة ، وهذان الجنسان الأدبيان قادران علي التكثيف والتقاط لحظات مجازية عالية ، إلا أن فجوات السرد جاءت من هذا الاستعراض غير المبرر لمقولات كتب التراث ، ورغم أنني لا أؤمن بالرسالة الأخلاقية للأدب إلا أن الكاتبة فشلت حتى في فكرة أن تنتقد ذلك التهميش والكبت الواقعين علي جسد المرأة ، كما فشلت في القبض علي اللحظات الروائية والسردية الحية ، في مستهل الباب الثاني والذي أسمته ” باب المفكر والتاريخ الشخصينلاحظ هلوسات البطلة إذ وهي تصل له في لحظة دافقة من الإثارة تذكّر بآداب الجماع عند النبي، فتقول: ” كنت أصل إليه مبللة وأوّل ما يفعله هو أن يمدّ إصبعه بين ساقيّ يتفقد “العسل”، كما يسميه، يتذوقه ويقبلني ويوغل عميقا في فمي وأقول له: من الواضح أنك تطبق وصايا الرسول وتقتدي به: لا يقع أحد منكم على أهله كما تقع البهيمة. وليكن بينهما رسول: القبلة والحديث. وعن عائشة: إن رسول الله كان إذا قبل الواحدة منا مصّ لسانها ” .
إن الذاكرة الانتقائية للكاتبة وجهدها في الحذف والإثبات،جعل الكاتبة تختار من الذاكرة أشخاصاً وأحداثاً تلتقطها حسبما تريد دون رابط حقيقي بين الأشخاص والأحداث ، وليس هذا معناه إنني أطالبها بالحبكة التقليدية ، إلا أنها قدمت لنا فصولاً مقطعة الأوصال، وموغلة في تكسير السرد، غير عابئة بالزمن الذي قد يؤثر إيجابا على المستوى الفني للرواية .
نجد سلوى النعيمي تسرد أحداثها فيما يشبه السيرذاتية لأنها تحيل القارئ إلي أن الذات الساردة في العمل روائية ، وحين تخبرها زميلتها أن الرقابة ستمنع كتابها ، ترد عليها ساخرة : ” ساعتها سأصير مشهورة ” وهنا تصدمنا الكاتبة ، وكأن سؤال الكتابة عندها بغرض الشهرة ، وليس الإبداع ، وقد رتبت خيوط الرواية ، مبتدئة بشخصية (المفكر) كرجل تفرغ معه شبقها, وتنتهي معه حيث تحوله إلى دلالة مجهولة أشبه بمجموعة أفكار نفسية متداخلة, ولم تكتف بذلك بل ذهبت إلى التلميح بذلك علنا في نهاية الرواية الأمر الذي ربما قد افسد نهايتها بشكل مفجع وجعلها نهاية تقريرية خطابية, نهاية وعظية أكثر منها فنية.
ورغم أن الرواية في عمومها ظاهرة ثقافية – أدبية متصلة بالعالم عبر التمثيل السردي، ومنفصلة عنه بالتعبير الذاتي عن المؤلف كمنتج للنص وخالق للعوالم المتخيلة فيه. بعبارة أخرى تقف الرواية على الحدود الفاصلة بين الفرد والعالم، وتتحرك ذهابا وإيابا بينهما. ولم تعد تقبل مهمة تصوير العالم ومحاكاة خريطته البشرية والتاريخية كما هو، إنما صارت مهمتها إعادة إنتاجه وترتيبه وتمثيل القيم الثقافية فيه ، إلا أن الكاتبة أغفلت كل هذه المرجعيات المعرفية ، وقدمت لنا عملها السردي مفككا تفكيكا غير فني ، بل هو الإحالة لتاريخ الكتب القديمة وتحميلها عالمها الروائي جعلها تخفق في حتى صنع التفكيك الفني الذي قد يقصده الكاتب . وقد صدرت الرواية عن دار رياض الريس للكتب والنشر في بيروت، جاءت في 150 صفحة متوسطة القطع و”بغلاف ملون هو رسم لامرأة عارية .
الجنس في ادب الكاتبات العربيات – ريم نجمي
كثيرا ما يطرح سؤال على الكاتبات والشاعرات العربيات، إن كن يكتبن انطلاقا من تجربة شخصية، خاصة إذا تعلق الأمر بتجربة جنسية أو تجربة حب. كثيرا ما يطرح سؤال على الكاتبات والشاعرات العربيات، إن كن يكتبن انطلاقا من تجربة شخصية، خاصة إذا تعلق الأمر بتجربة جنسية أو تجربة حب. هل تكتب المرأة عن تجربة جنسية انطلاقا من تجربة شخصية عاشتها أم أنه مجرد خيال لغوي. وهل ينبغي الحكم على الأدب حكما أخلاقيا أم ينبغي أن يتوقف النقد عند محتوى الكتاب؟ ريم نجمي تحدثت إلى كاتبات عربيات عن الحكم على أعمالهن. كثيرا ما يطرح سؤال على الكاتبات والشاعرات العربيات، إن كن يكتبن انطلاقا من تجربة شخصية، خاصة إذا تعلق الأمر بتجربة جنسية أو تجربة حب. فعلى سبيل المثال عندما صدرت عام 2007 رواية “برهان العسل” للكاتبة والشاعرة السورية سلوى النعيمي، كان السؤال الأول الذي يطرح عليها، كما تقول: “هل التجربة في رواية برهان العسل تجربة شخصية؟ وأنا أجيب كعادتي بالضحك وأقول لهم كل ما أكتبه حقيقي وكل ما أكتبه متخيل”. وكانت هذه الرواية قد أحدثت ضجة كبيرة في العالم العربي، لأنها تتناول الحياة العاطفية والجنسية لامرأة عربية. لكن ماذا تقصد سلوى النعيمي بعبارة “كل ما أكتبه حقيقي ومتخيل؟”. لا تحاول الكاتبة شرح ذلك، إنما تحيطه بستار يفتح المجال لتفسيرات عديدة عندما تقول: “هذا يعني أشياء كثيرة”. وقد عايشت سلوى النعيمي في هذا الباب قصصا طريفة وتحكي واحدة منها: “في لقاء مع القراء في ايطاليا كانت القارئات يسألنني: “هل يمكننا الحصول على رقم هاتف المفكر؟”، وهو الاسم الذي أطلقته سلوى النعيمي على بطل روايتها الشهيرة برهان العسل، وكان يتميز بقدراته الجنسية الخاصة، وتعامله الرقيق مع بطلة الرواية. “أكتب عن الجنس انطلاقا من تجربة شخصية” الشاعرة المغربية وداد بنموسى تناولت في قصائدها موضوع الجسد والجنس، خاصة في ديوانها ” زوبعة في جسد” الصادر في الرباط سنة 2009 الشاعرة المغربية وداد بنموسى تناولت في قصائدها موضوع الجسد والجنس، خاصة في ديوانها “زوبعة في جسد” الصادر في الرباط سنة 2009. وداد لا تجد حرجا في أن تقول إن ما تكتبه عن الجنس هو نتيجة تجربة ذاتية: “لأن أية تجربة لا تنبع من تجربة ذاتية ستكون تجربة ناقصة”. وفي حديثها معنا تعبر وداد بنموسى عن رأيها بأن “التجربة الشخصية هي التي تغذي أي كتابة وأن المصدر الحقيقي لها هو الذات التي تلتحم مع الصدق”. وتضيف الشاعرة المغربية: “أن نعيش الحب هو شيء مفروغ منه، على اعتبار أن الحب هو أسمى شيء في الوجود والله خلقنا لكي نحب، أما أن نعيش تجربة الجنس فهي جزء من وجودنا وكياننا في هذا المجتمع، وهي ليست فقط مجرد عملية لإنتاج الأطفال وإنما هي متعة أيضا”. وتؤكد صاحبة “زوبعة في جسد”: “المرأة حين تكتب في هذا الموضوع بهذه الثقة أو بهذه المصداقية تكون وكأنها تجري بكل انطلاق في براري الحرية التي تمنحنا إبداعا جادا وواثقا وهادفا، الهدف منه الخلود”. ولا تريد وداد بنموسى فرض موقفها على الأصوات الأدبية النسائية التي تقول إن المرأة ليس عليها بالضرورة أن تعيش تجربة معينة حتى تكتب عنها: “أنا لست ضد من يتخفين وراء الادعاء بأن المرأة لا تكتب بالضرورة انطلاقا من تجربة معاشة، لكنني أعبر بكامل جرأتي عن موقفي الخاص ولا أريد أن أدخِل أحدا في قفص الاتهام”. كما تضيف الشاعرة المغربية في السياق نفسه: “لا أحب أن أدخل في صراع مع اللغة. اللحظة حين تُكتب سواء أكانت عاطفية أو جنسية، الهدف منها أن تصل إلى الآخر بكامل رونقها وبكامل صدقها، لأن الذات إذا لم توصل هذه اللحظة المعاشة بكامل شفافيتها فما ضرورة الكتابة؟ آنذاك من الأحسن للإنسان أن يصمت.” “الحكم الأخلاقي على الأدب ليس مقبولا” الشاعر السوري الراحل نزار قباني كان من أشهر الشعراء الذين كتبوا عن الحب والجنس وتعتقد الكاتبة السورية سلوى النعيمي أن هذا السؤال يوجه للنساء الكاتبات أكثر من الرجال ولا سيما في المواضيع التي توحي بأنها تنبع من تجربة خاصة، مثل التجارب العاطفية أو التجارب الخاصة. وتقول سلوى ضاحكة: “لو كتبت كتابا عن تجربة سياسية لن يقال لك هل عشت هذه التجربة السياسية؟ ولكن عندما تعبرين عن تجربة يمكن أن تُعتبر حميمية يطرح عليك هذا السؤال”. غير أن سلوى النعيمي لا تتضايق من هذا السؤال إذا كان صادرا من القارئ العادي إذ تقول:”لكنني أفرق بين هذا الموقف عند القارئ الفضولي الذي يحب أن يعرف أكثر إذا كانت هذه التجربة من الحياة أو متخيلة، لكن ما لا أجده طبيعيا هو أن يكتب النقد من هذا المنطلق، أي أن يشتمني الناقد، لأنني كتبت عن الجنس أو عن تجربة شخصية لي، هذا ما أجده سخيفا أو سطحيا”. ومنذ صدور روايتها “برهان العسلتعرضت سلوى النعيمي مرات عديدة إلى هذا النوع من النقد الذي يرتكز على الأحكام الأخلاقية. وتدافع سلوى النعيمي بشدة عن ضرورة الابتعاد عن هذا النوع من الأحكام في الأدب وتقول: “عندما نشر الكتاب قلت إن النقد العربي ومنذ القرن11 في زمن عبد القاهر الجرجاني، كان يميز بين شخصية الكاتب وإنتاجه الأدبي، ولا يحكم على إنتاجه الأدبي حكما أخلاقيا” وتضيف سلوى النعيمي: “بعض نقاد اليوم يحكمون حكما أخلاقيا على الكتابة الإبداعية ولا يعنيني بأي شكل من الأشكال هذا الذي يكتب هذا النوع من النقد”. “أتغار من رجل من ورق؟” “رواية ” شبه الجزيرة العربية” إحياء للأدب الإيروتيكي القديم وتلاعب حداثي مع ذلك التراث” سلوى النعيمي انتهت من كتابة رواية جديدة بعنوان” شبه الجزيرة العربية” وهي الرواية التي ستصدر في فبراير/ شباط القادم عن دار رياض الريس، وستقدم لأول مرة في معرض الكتاب الدولي بالدار البيضاء في المغرب. ولم تفصح سلوى النعيمي عن محتوى الرواية الجديدة، لكنها تقول: “إنها ستكون مفاجأة للقراء”. السؤال عن الكتابة ومعايشة ما يُكتب قد لا يقتصر على النساء فقط، وإنما طُرح هذا السؤال آلاف المرات على الشاعر السوري الراحل نزار قباني، الذي كان من أشهر الشعراء الذين كتبوا عن الحب والجنس، رغم أن الشاعر أكد في مناسبات عديدة أن المرات التي أحب فيها كانت فعلا مرات قليلة وتعد على رؤوس الأصابع. وفي نفس السياق جاء في كتاب نسيان.كم” للكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي أن الكاتب لا يكتب بالضرورة عن الحب انطلاقا من تجربة معاشة وآنية، وإنما يكتب أكثر انطلاقا من ذاكرة الحب. وفي كتابها “ذاكرة الجسد” ناقشت أحلام مستغانمي الموضوع نفسه على لسان حياة، بطلة الرواية، التي تجسد شخصية كاتبة، وقدمت روايتها الأولى هدية إلى حبيبها، لكنه لم يهتم بالرواية نفسها، بقدر ما شغله الرجل الذي كتبت عنه بطلة القصة، وسألها عن هذا الرجل ومن يكون. فأجابت: ” أتغار من رجل من ورق؟ فقال لها:”وهل تريدين أن أعتقد أنه رجل خيالي؟ “، فتجيب حياة: “هناك فرق بين الأدب ومن نكتب عنهم”. ريم نجمي هل تكتب المرأة عن تجربة جنسية انطلاقا من تجربة شخصية عاشتها أم أنه مجرد خيال لغوي. وهل ينبغي الحكم على الأدب حكما أخلاقيا أم ينبغي أن يتوقف النقد عند محتوى الكتاب؟ ريم نجمي تحدثت إلى كاتبات عربيات عن الحكم على أعمالهن. كثيرا ما يطرح سؤال على الكاتبات والشاعرات العربيات، إن كن يكتبن انطلاقا من تجربة شخصية، خاصة إذا تعلق الأمر بتجربة جنسية أو تجربة حب. فعلى سبيل المثال عندما صدرت عام 2007 رواية “برهان العسل” للكاتبة والشاعرة السورية سلوى النعيمي، كان السؤال الأول الذي يطرح عليها، كما تقول: “هل التجربة في رواية برهان العسل تجربة شخصية؟ وأنا أجيب كعادتي بالضحك وأقول لهم كل ما أكتبه حقيقي وكل ما أكتبه متخيل”. وكانت هذه الرواية قد أحدثت ضجة كبيرة في العالم العربي، لأنها تتناول الحياة العاطفية والجنسية لامرأة عربية. لكن ماذا تقصد سلوى النعيمي بعبارة “كل ما أكتبه حقيقي ومتخيل؟”. لا تحاول الكاتبة شرح ذلك، إنما تحيطه بستار يفتح المجال لتفسيرات عديدة عندما تقول: “هذا يعني أشياء كثيرة”. وقد عايشت سلوى النعيمي في هذا الباب قصصا طريفة وتحكي واحدة منها: “في لقاء مع القراء في ايطاليا كانت القارئات يسألنني: “هل يمكننا الحصول على رقم هاتف المفكر؟”، وهو الاسم الذي أطلقته سلوى النعيمي على بطل روايتها الشهيرة برهان العسل، وكان يتميز بقدراته الجنسية الخاصة، وتعامله الرقيق مع بطلة الرواية. “أكتب عن الجنس انطلاقا من تجربة شخصية” الشاعرة المغربية وداد بنموسى تناولت في قصائدها موضوع الجسد والجنس، خاصة في ديوانها ” زوبعة في جسد” الصادر في الرباط سنة 2009 الشاعرة المغربية وداد بنموسى تناولت في قصائدها موضوع الجسد والجنس، خاصة في ديوانها “زوبعة في جسد” الصادر في الرباط سنة 2009. وداد لا تجد حرجا في أن تقول إن ما تكتبه عن الجنس هو نتيجة تجربة ذاتية: “لأن أية تجربة لا تنبع من تجربة ذاتية ستكون تجربة ناقصة”. وفي حديثها معنا تعبر وداد بنموسى عن رأيها بأن “التجربة الشخصية هي التي تغذي أي كتابة وأن المصدر الحقيقي لها هو الذات التي تلتحم مع الصدق”. وتضيف الشاعرة المغربية: “أن نعيش الحب هو شيء مفروغ منه، على اعتبار أن الحب هو أسمى شيء في الوجود والله خلقنا لكي نحب، أما أن نعيش تجربة الجنس فهي جزء من وجودنا وكياننا في هذا المجتمع، وهي ليست فقط مجرد عملية لإنتاج الأطفال وإنما هي متعة أيضا”. وتؤكد صاحبة “زوبعة في جسد”: “المرأة حين تكتب في هذا الموضوع بهذه الثقة أو بهذه المصداقية تكون وكأنها تجري بكل انطلاق في براري الحرية التي تمنحنا إبداعا جادا وواثقا وهادفا، الهدف منه الخلود”. ولا تريد وداد بنموسى فرض موقفها على الأصوات الأدبية النسائية التي تقول إن المرأة ليس عليها بالضرورة أن تعيش تجربة معينة حتى تكتب عنها: “أنا لست ضد من يتخفين وراء الادعاء بأن المرأة لا تكتب بالضرورة انطلاقا من تجربة معاشة، لكنني أعبر بكامل جرأتي عن موقفي الخاص ولا أريد أن أدخِل أحدا في قفص الاتهام”. كما تضيف الشاعرة المغربية في السياق نفسه: “لا أحب أن أدخل في صراع مع اللغة. اللحظة حين تُكتب سواء أكانت عاطفية أو جنسية، الهدف منها أن تصل إلى الآخر بكامل رونقها وبكامل صدقها، لأن الذات إذا لم توصل هذه اللحظة المعاشة بكامل شفافيتها فما ضرورة الكتابة؟ آنذاك من الأحسن للإنسان أن يصمت.” “الحكم الأخلاقي على الأدب ليس مقبولا” الشاعر السوري الراحل نزار قباني كان من أشهر الشعراء الذين كتبوا عن الحب والجنس وتعتقد الكاتبة السورية سلوى النعيمي أن هذا السؤال يوجه للنساء الكاتبات أكثر من الرجال ولا سيما في المواضيع التي توحي بأنها تنبع من تجربة خاصة، مثل التجارب العاطفية أو التجارب الخاصة. وتقول سلوى ضاحكة: “لو كتبت كتابا عن تجربة سياسية لن يقال لك هل عشت هذه التجربة السياسية؟ ولكن عندما تعبرين عن تجربة يمكن أن تُعتبر حميمية يطرح عليك هذا السؤال”. غير أن سلوى النعيمي لا تتضايق من هذا السؤال إذا كان صادرا من القارئ العادي إذ تقول:”لكنني أفرق بين هذا الموقف عند القارئ الفضولي الذي يحب أن يعرف أكثر إذا كانت هذه التجربة من الحياة أو متخيلة، لكن ما لا أجده طبيعيا هو أن يكتب النقد من هذا المنطلق، أي أن يشتمني الناقد، لأنني كتبت عن الجنس أو عن تجربة شخصية لي، هذا ما أجده سخيفا أو سطحيا”. ومنذ صدور روايتها “برهان العسلتعرضت سلوى النعيمي مرات عديدة إلى هذا النوع من النقد الذي يرتكز على الأحكام الأخلاقية. وتدافع سلوى النعيمي بشدة عن ضرورة الابتعاد عن هذا النوع من الأحكام في الأدب وتقول: “عندما نشر الكتاب قلت إن النقد العربي ومنذ القرن11 في زمن عبد القاهر الجرجاني، كان يميز بين شخصية الكاتب وإنتاجه الأدبي، ولا يحكم على إنتاجه الأدبي حكما أخلاقيا” وتضيف سلوى النعيمي: “بعض نقاد اليوم يحكمون حكما أخلاقيا على الكتابة الإبداعية ولا يعنيني بأي شكل من الأشكال هذا الذي يكتب هذا النوع من النقد”. “أتغار من رجل من ورق؟” “رواية ” شبه الجزيرة العربية” إحياء للأدب الإيروتيكي القديم وتلاعب حداثي مع ذلك التراث” سلوى النعيمي انتهت من كتابة رواية جديدة بعنوان” شبه الجزيرة العربية” وهي الرواية التي ستصدر في فبراير/ شباط القادم عن دار رياض الريس، وستقدم لأول مرة في معرض الكتاب الدولي بالدار البيضاء في المغرب. ولم تفصح سلوى النعيمي عن محتوى الرواية الجديدة، لكنها تقول: “إنها ستكون مفاجأة للقراء”. السؤال عن الكتابة ومعايشة ما يُكتب قد لا يقتصر على النساء فقط، وإنما طُرح هذا السؤال آلاف المرات على الشاعر السوري الراحل نزار قباني، الذي كان من أشهر الشعراء الذين كتبوا عن الحب والجنس، رغم أن الشاعر أكد في مناسبات عديدة أن المرات التي أحب فيها كانت فعلا مرات قليلة وتعد على رؤوس الأصابع. وفي نفس السياق جاء في كتاب نسيان.كم” للكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي أن الكاتب لا يكتب بالضرورة عن الحب انطلاقا من تجربة معاشة وآنية، وإنما يكتب أكثر انطلاقا من ذاكرة الحب. وفي كتابها “ذاكرة الجسد” ناقشت أحلام مستغانمي الموضوع نفسه على لسان حياة، بطلة الرواية، التي تجسد شخصية كاتبة، وقدمت روايتها الأولى هدية إلى حبيبها، لكنه لم يهتم بالرواية نفسها، بقدر ما شغله الرجل الذي كتبت عنه بطلة القصة، وسألها عن هذا الرجل ومن يكون. فأجابت: ” أتغار من رجل من ورق؟ فقال لها:”وهل تريدين أن أعتقد أنه رجل خيالي؟ “، فتجيب حياة: “هناك فرق بين الأدب ومن نكتب عنهم”. 



حوار : سلوى النعيمي: «الجنس أحلى بلغتي العربية»

تأخذنا الكاتبة السورية سلوى النعيمي في جولة شيقة ومثيرة من خلال عودتها إلى الأدب الإيباحي في الثقافة العربية-الإسلامية. في هذا الحوار المتحرر من كل الطابوهات، تسلط الضوء على الأفكار التي تقول ب «قذارة» الجسد، وتؤكد أن «الجنس أحلى بلغتي العربية».
هل ثمة شيء منك في كتابك «برهان العسل»؟
الراوية السورية تقول إنها مخلوق لغوي. ليس ثمة مشكل هوية، لأن لها علاقة وثيقة بثقافتها وعروبتها. أنا بدوري مخلوق لغوي، وأجدني بقوة في شخصية تلك الراوية.، لكن ما تحكيه شيء آخر.
هل ستختلف قراءة كتابك إن كان القارئ رجلا أو امرأة؟
أنا لا أتحدث عن الرجال أو النساء، بل عن مصلحة الشباب في العالم العربي أو في أي مكان آخر، كفرنسا أو إيطاليا أو حتى في ألمانيا، وهي البلدان التي ترجمت كتابي إلى لغتها. وسبق لصحافي شاب من سوريا أن كتب ما يلي: «إن سلوى النعيمي تصالحنا مع أجسادنا». إن هذه الحرية الجنسية لم تسقط علي من السماء هكذا، بل هي مرتبطة بموروثي العربي-الإسلامي. وما كان من المتاح التوصل إلى تلك المصالحة بدون العودة إلى موروثنا. لو أنني ألفت كتابا يظهر فيه الجنس بلا سند أو مرجع، فإن أولئك الشباب سينظرون إلي وكأنني واحدة من أولئك المستشرقين الذين لا تربطهم بهم ولا بثقافتهم أية صلة. وهذا الرابط بين الحرية الجنسية والتعبير والتصرف من جهة وتاريخنا من جهة أخرى يظل أمرا ضروريا. إن حريتنا الجنسية تنتقل عبر اللغة والفعل.
وكأنك تقولين بأن هذه الحرية تظل فعلا في الظل، لأن أولئك الشباب يقرؤون كتبك في الخفاء!!
لا أعتقد ذلك، سأحكي لكم قصة لم يسبق أن حكيتها لأي أحد: قام صحفي بإرسال نسخة من روايتي عبر البريد الإلكتروني إلى صديقه، وطلب منه قراءتها. وعندما شرع صديقه في القراءة، دخلت أخته إلى غرفته، وسألته عما يقرأ، ثم طلبت منه أن سمح لها بقراءة الرواية حالما ينتهي منها. تردد ذلك الشاب قبل أن يستجيب لطلبها. يقول: «عندما انتهيت من قراءة آخر صفحة من الرواية، تركت الرواية مفتوحة على شاشة جهاز الحاسوب». لقد بدت لي ردة الفعل تلك قوية للغاية وذات دلالة. لقد حظيت الرواية بإعجاب كبير لدى فئة الشباب من 20 إلى 30 عاما، فالجميع عشق حياة تلك المرأة عشيقها.
لقد كتبت: «لا علاقة بين وازعي الأخلاقي والقيم التي تحيط بي». حدثينا عن وازعك الأخلاقي، والقيم التي تحيط بك، وهل هي تلك التي تركت بدمشق أم تلك التي وجدت في باريس؟
قيمي هي تلك الموجودة بدمشق وباريس في نفس الآن. أما وازعي الأخلاقي، فهو أمر شخصي للغاية. في العالم العربي، يقال دوما إن الخطوط الحمراء موجودة ويجب ألا نتجاوزها. لي خطوطي الحمراء، لكنها ليست حيث يتوقعها أصحاب الرقابة. ما هو فاحشة بالنسبة لهم ليس كذلك بالنسبة لي، والعكس صحيح.
هل تقصدين الجنس؟
المشاعر والأحاسيس هي الفاحشة، وليس الجنس.
تقولين إن العربية هي لغة الجنس، فهل قراءة هذا الكتاب بالفرنسية أو الإيطالية أو الألمانية قد يجعلنا نفقد تلك النشوة؟
بالنسبة للراوية، فإن العربية هي لغة الجنس، لأن لغتها الأم هي العربية. والأمر كذلك لأن العرب حُرموا من لغة الحب التي تبدو لهم صعبة عند الحديث عن الجنس، ويجدون عكس ذلك عندما يتحدثون بالفرنسية أو الإيطالية. أنا أحاول إعادة النظر في اللغة العربية وجعلها لغة للجنس.
الجنس أحلى باللغة العربية؟
هو كذلك لأن لغة الراوية هي العربية. ودون التذكير بأن العربية هي لغة الدين، فإن بعض الكتاب، المتفرنسين منهم، يعتقدون أنه لا يمكن الكتابة عن الجنس باللغة العربية. أما أنا فأقول إن الجنس أحلى بلغتي العربية. المسألة لا تتعلق بالتوفر على قاموس واسع، بل إن المغزى يكمن في تكوين علاقة حميمية مع اللغة.
تبدو بعض الكلمات، كالمضاجعة دائما، أسهل في القول والكتابة في لغة أجنبية...
هذا الأمر لا ينطبق علي. والدليل هو أنني كتبت تلك الكلمات، أليس هذا صحيحا؟ ثم إن هاته الكلمات أضحت مشاعة الاستعمال أكثر فأكثر. صحيح أنها تثير الخجل، لكنها موجودة على كل حال.
ماذا عن الكلمات الناعمة؟
باللغة العربية!
هل ثمة فقط كلمات ناعمة في الجنس؟
أجل.
هل يمنح الإسلام الحريات بأكملها؟
لا يمكن أن أجيب بالإيجاب. فكل الأديان تحدد مجموعة من المحظورات. أنا أتحدث عن الإسلام كثقافة.
لكن ألا تستعملين الإسلام لتمنحي نفسك انطباعا بالاطلاع الجيد؟
بالتأكيد لا، فتفكيري لائكي. إن الجنس الذي يقود نحو ارتقاء الروح لا يهمني. أنا أركز على الفعل البيولوجي الجسدي.
تقولين إنه عندما تجتمع المرأة والرجل، يكون الشيطان ثالثهما.
لست أنا من قال ذلك. بل هو عبارة عن قولة تحولت إلى مثل. الشيطان هو الرغبة والشهوة.
ما الحل للتخلص من القلق الجنسي؟
عبر الثقافة. الراوية لم يكن لديها مشكل مرتبط بالهوية، لأنها تربطها علاقة متينة بثقافتها. وكلما كانت تعيش في محيط ثقافتها، كلما كان انفتاحها على باقي الثقافات أكبر. هذا أمر واضح. لقد تعرفت على الأدب العالمي من روسيا وأمريكا وإيطاليا وفرنسا واليابان... عبر ترجمتها إلى اللغة العربية. أنا أستقبل العالم عبر لغتي. إذن فاجتثاث الناس من وسطهم الثقافي أمر سلبي للغاية.
عن مجلة «أفريك آزي»


الفياغرا السورية وطبيب ايلاف في رواية سلوى النعيمي




" هناك من يستحضر الاوراحَ، أنا أستحضر الاجسادَ. لا أعرف روحي ولا أرواح الاخرين أعرف جسدي وأجسادهم " هكذا تبدأ رواية سلوى النعيمي " برهان العسل " الصادرة عن دار الريس 2007. وتظل الراوية مخلصة لهذه المقولة طوال الصفحات التي تسرد فيها حكايات مصاحبة لاستحضار الاجساد. والجسد الذي أريد له أن يكون البطل الاساسي للرواية ليس مهماً الروح التي ترتديه أويرتديها. إنه الجسد في علاقته مع المتعة. الجسد الذي تشكل علاقتنا به وعلاقته بنا وبالاخرين، نسيجا لحياة سرية موازية للحياة كما يرد في الرواية " ( لاروح لي ) انحفرت الجملة في راسي، وصارت حياتي تمر من خلالها. كنت أعرف أني جسدي فقط "
بعد الانتهاء من قراءة الرواية سيستغرب المرء تصنيف هذه الرواية بالجنسية، سواء في علاقتها الرقابية (منعت في معرض مكتبة الاسد ) أو فيما حكي عنها شفاها ممن قرؤوها. إلا إذا صنفت هكذا بناءا على الالفاظ الصريحة في الرواية لمسميات الاعضاء الجنسية والفعل الجنسي. فالرواية هي بحث في الجنس لدى العرب قديما وحديثا ونزوع الى المقارنة بين الجنس عند العرب قديما وحديثا وتمتلئ باستشهادات من كتب الجنس في التراث العربي ويشكل هذا الاستشهاد مقولة اساسية في الرواية إذ بمقارنته مع واقع الحال الآن تريد الكاتبة أن تقول انظروا كيف كان العرب لا يجدون حرجا في تناول هذا الأمر وكيف أصبح الامر الان، فقد كانت الالفاظ والمسميات والوصفات الطبية ووصف أوضاع " النكاح " شائعة ومتداولة بلفظ صريح لم يجد العرب حاجة الى تلطيفه كما فعلوا فيما بعد ليس في علاقتهم مع الجنس الان بل في علاقتهم مع هذه الكتب التي منعت واقصيت وحين طبع بعضها " لطفت " عنواوينها. بينما في واقعنا الحالي أصبح تداول هذا الامر سرياً، يشكل حياة موازية مكتومة، لا يباح بها، مثله مثل تداول هذه الكتب التي كانت مباحة، و تم إيجاد تسمية جامعة للالفاظ التي تتناول الشأن الجنسي هي " الكلمات الكبيرة "
وتتنقل الكاتبة بين هذين العالمين في قراءة مقارنة هي كل ماتريد قوله الرواية. ومن خلال هذه المقارانات تسرد الرواية عالم الجنس المعاصر عربياً، وعلاقتنا به، تلك العلاقة التي أصبحت تقوم ليس فقط على السرية فقط بل على عدم المعرفة و الجهل باسرار " النيك " كما يرد اللفظ صريحاً في الرواية في أماكن متفرقة تارة مقتبساً من الكتب التراثية " الأيك في معرفة النيك " و " نواظر الأيك في نوادر النيك "، وتارة من مشفاهاتنا المعاصرة التي تدور في السر

مقولة الرواية:
تتلخص مقولة الرواية في الاحتجاج على واقع الحال فيما يخص " المسألة الجنسية " عربياً، وتناولها وتداولها وتعلمها، والجهل بتفاصيل الجسد وعلاقة الناس بحياتهم الجنسية التي أصبح يحيطها الجهل والانحطاط " لستُ وحدي في هذا الجهل. يبدو أنه منتشر في عصر الانحاط الجنسي الذي نعيشه الان. ما علي إلا أن اقرأ الاسئلة الجنسية في صحيفة إيلاف على الانترنت حتى أكتشف هذا البؤس الجنسي العربي المعمم. أتصور الطبيب المختص يشد شعره وهو يرد على القراء المحتارين ". ومقارنة هذا البؤس مع ما كان سائداً في الحياة العربية في العصور السابقة من خلال الكتب التراثية بما فيها النص الديني. وفي ثنايا هذه المقولة الرئيسية هناك مقولات فرعية حول العلاقة بين الحب والجسد، الحب والجنس، السرية التي تمارس فيها هذه الحياة والعلنية التي تتكتم على كل ما يخص هذا الامر...

حكاية الرواية:
الحكاية الكلية للرواية ضئيلة بل إنها الاقل تواجداً في الرواية ويمكن تلخيصها بإمرأة، تشغف بالاطلاع على التراث الجنسي العربي، منذ أن كانت طالبة، وتستمر هذه العلاقة لاحقاً، وتقودها الى الاطلاع على كل كتب الجنس في التراث العربي، وتشكل هذه العلاقة جانبا من حياتها السرية التي تكشف للعلن لاحقا ويصبح الامر طبيعيا " اهتماماتي بدأت تعلن عن نفسها أمام الاخرين، منهم (...) من زملائي من يعدها لعبة، ومنهم من يتصورها انحرافاً ". لكن الذي انكشف هو فقط علاقتها بهذه الكتب إذ ظلت حياتها الموازية وعلاقتها بالجنس عالما يخصها لا تبوح به لأحد حتى علاقتها مع " المفكر " الذي قسم حياتها الى ما قبله وما بعده، وهو الشخصية الرئيسية في الرواية إضافة الى البطلة، التي تعمل في مكتبة في باريس وتعيش هناك وتستحضر الشرق أما من خلال الذاكرة أو من خلال زيارتها المتقطعة له، ومن خلال هذا العيش ترد إيضاً مقارنات على هامش المقارنة الاساسية مع عالم الجنس في الغرب، تأتي في الغالب من خلال النصوص وليس من خلال الحياة إذ ظل عالم الرواية عربيا بامتياز، من خلال الشخوص العرب المهاجرين والمقيمين هناك، عندما لا يكون المكان عربياً.

في بنائية الرواية:
قسمت الرواية الى 11بابا على طريقة الكتب التراثية " باب أزواج المتعة وكتب الباه – باب المفكر والتاريخ الشخصي – باب الجنس والمدينة العربية – باب الماء – باب الحكايات – باب المدلكة وزوجها الزاني – باب شطحات الجسد – باب زمن التقية في المجتمعات العربية – باب اللسانيات – باب التربية والتعليم – باب الحيَل " وكل باب يتحدث عن عنوانه، وتقوم بنائية العمل على إدماج الاستشهادات من كتب التراث بحياة بطلة الرواية، ومن خلال النص سيتضح لنا أن كتب التراث هي المتن بينما الحياة المعاصرة التي تجري الان هي ما يشبه الهامش الذي تم ابتكاره لشرد مقولات هذه الكتب التراثية وتلخيصها واعلانها، بل إن الروائية تعلن على لسان بطلة الرواية في الباب الأخير أن " المفكر كان حيلة من حيل الكتابة وأنه لم يوجد أبداً، ولذلك كان لابد لي من أن أخترعه " وربما يجد القارئ أن هذه الحيلة التي كانت الرابط الاساسي لخيوط الرواية المتناثرة، لم تكن من القوة بحيث تشد " أبواب " الرواية، لتظل هذه الأبواب شبه منفصلة تدور حول يختزله العنوان من محتوى، وقد يجد البعض أن العمل لايشكل رواية بالمعنى الدقيق للكلمة، بل هو أقرب للبحث، بل إن العمل على موضوعة الجنس بوصفه بحثاً هو متكأ أساسي للراوية، لتسرد جانباً سرياً من حياتها. إذ أن تكليفها في تقديم بحث عن الكتب الجنسية العربية المحظورة التي ذاعت علاقتها بها، لتقدمه على هامش معرض تحت عنوان " جهنم الكتب " سيقام في نيويورك وتم الغاؤه لاحقا بسبب الارهاب! اتخذ ذريعة لكتابة العمل. إلا أن هذه الذريعة تبدو واهية، ولا قيمة لها، ولاتشكل قيمة اقناعية للقارئ كمبرر للعمل بل إنها غير مؤثرة في سياق العمل، إلا من خلال الحديث عن الرقابة العربية على هذه الكتب.
وقد قام البناء السردي للعمل على لغة خفيفة معاشة تنحو في أغلب مفاصل الرواية الى لغة الحكاية، وتفترق عن هذا حينما يكون الحديث عن علاقة بطلة الرواية مع " المفكر " إذ تنحو حينها الى لغة دلالية أقرب الى لغة اليوميات التي يكتبها شعراء. ولاتشكل الشخصيات في هذه الرواية جزءاً من العمل بل إنها ترد لتؤكد المقولة التي تريد الروائية أن تؤكدها في كل فصل، وعندما تكون هذه المقولة لازمنية، أي لا تخص زمناً محددا ببداية ونهاية، لايغدو الزمن مهماً داخل العمل. إنه زمن عائم في الآن، زمن خارجي إذا جاز التعبير، وكذلك لايغدو مهما أن يكون للرواية حدثاً رئيساً، بل إنها تقوم على جعل الحكايات وما ترتبط به من " أحداث " شخصية، هي العمود الفقري لحدث الرواية.

لا تتعالى الرواية على الزمن الخارجي، أو الزمن المحيط، فهي رواية راهنة معاصرة، تورد داخل المتن علاقتنا مع العالم الراهن بتطوراته التقنية فتذكر الوسائط المعاصرة ودورها في ( تفعيل ) الحياة الجنسية إذ أن وسائط الـ " إس إم إس " يتم من خلالها إرسال النكات الجنسية وتداولها، وكذلك البريد الالكتروني، وكذلك الصحف الالكترونية التي أتاحت كسر التابو، فترد صحيفة ايلاف من خلال طبيبها الذي يرد على الاسئلة الجنسية، وتذكره من خلال حديثه عن " شوربة الفياغرا " التي ينصح بها ويعتبرها أهم منشطات الغلابى. وهي " اختراع مصري خالص وبراءة اختراعه محفوظة لمطاعم السمك وللبائعين المتجولين... ". هذه الفياغرا التي أنقذت الناس وأصبحت تصنف في خانة المساحيق لا الأدوية لأنها بيضت وجوههم!.. ولأهمية هذا الاختراع يجب ترشيح مخترعيها الى جائزة نوبل على ما يرد في الرواية. وكذلك تذكر في لمحة طريفة عن الفياغرا السورية التي تناولها فنان مصري " فانتفخ رأسه وبقي عضوه مرتخياً متهدلاً مدلدلاً. البنت التي كانت معه ارتعبت وهربت " وربما تكون هذه الجملة هي سبب منع الكتاب في معرض مكتبة الاسد لأنها تعرّض بصناعتنا الوطنية التي نشأت وترعرت في ظل الحزب القائد. والإشارة الى فسادها يمكن تأويلها كإشارة الى فساد النظام!


آبل” تسحب رواية “برهان العسل” للكاتبة السورية سلوى النعيمي من مخزنها بسبب غلافها غير اللائق

قالت دار نشر أمريكية ان شركة “آبل” أزالت رواية “برهان العسل” الايروتيكية للكاتبة السورية سلوى النعيمي من مخزن “آيتيونز” لأن غلافها الذي تظهر فيه صورة امرأة عارية من الخلف “غير لائق”، برأي الشركة.
وأعلنت دار “يوروبا اديشنز” في بيان نشرته في صفحتها على موقع “فيسبوك” ان الرواية سُحبت من مخزن “آبل”.
ويشار الى ان “برهان العسل” التي صدرت طبعتها الأولى عام 2007 ليست متوفرة بطبعتها الانكليزية في مخزن “آبل” ولكن طبعتها الفرنسية ما زالت في المخزن بالغلاف “غير اللائق” نفسه.
وتروي “برهان العسل” الممنوعة في عدة بلدان عربية المغامرات الجنسية التي تخوضها باحثة سورية في باريس. وتقول الراوية في مقطع نقلته صحيفة “الغارديان” البريطانية “لدي احتياج مادي للماء والمني والكلمات، ثلاثة أشياء أحتاجها في الحياة ولا استطيع ان أحيى من دونها”.
وذكرت وكالة “رويترز” ان سلوى النعيمي التي هاجرت الى باريس في منتصف السبعينات من القرن الماضي “تعلن نهاية احد المحرمات في العالم العربي هو تابو الجنس”.
وتساءلت دار النشر في بيانها عما إذا كان لأصل الكاتبة (المولودة في سورية) علاقة في قرار “ابل” إزالة روايتها من المخزن. كما لفتت الدار الى التناقض في موقف الشركة التي يفترض أن تنظر في هذه الحالة الى اعمال كلاسيكية عارية لفنانين مثل انغريس ورينوار وبوتيتشيلي على انها ايضا “غير لائقة”، غير أن كل هذه الأعمال موجودة في مخزن آيتيونز


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق